والموازين: جمع ميزان، والميزان: الآلة التي يوزن بها.
والموازين عند الله عز وجل توزن فيها أعمال العباد، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الميزان له كفتان، وذلك في حديث صاحب البطاقة الذي يأتي على رءوس الخلائق فينشر له تسع وتسعون سجلاً كلها ذنوب ومعاص، وتوضع في كفة، ثم يقال: هل عملت خيراً؟ فيقول: لا.
فيقال: بلى، إن لك خيراً عندنا، فتخرج له بطاقة مكتوب فيها: لا إله إلا الله، فتوضع في الكفة الأخرى فتطيش هذه الصحائف، وينجو هذا الإنسان، وهذا يدل على أن هذا الميزان له كفتان، وأن الأعمال توزن، كما قال الله عز وجل:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨].
والعمل يوزن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان) فأعمال العباد توزن، وكذلك صحفهم توزن، كما في حديث صاحب البطاقة، وكذلك السمين، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(يؤتى بالرجل السمين يوم القيامة من أهل النار فيوضع في كفة الميزان فلا يزن عند الله عز وجل جناح بعوضة) وهذا هو ما أخبر الله عز وجل به في قوله: {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف:١٠٥].
وليس بالضرورة أن يوزن كل الناس، ولكن بعضهم يوزنون.
وأنكر المعتزلة وزن الأعمال، وقالوا: كيف توزن الأعمال مع أنها أعراض وليست أجساماً؟ وهذا يدل على ضلالهم، فإن الشرع لا يعترض عليه بالعقل، فإن الله عز وجل يجعل هذه الأعمال أجساماً ثم توزن بعد ذلك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فتنصب الموازين، فتوزن بها أعمال العباد، {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}[المؤمنون:١٠٢ - ١٠٣]، وتنشر الدواوين].
الدواوين: جمع ديوان، وهو الكتاب المدون، والإنسان يكتب عليه كل شيء كما قال الله عز وجل:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق:١٨]، فيكتب عليه كل شيء، ويجده يوم القيامة، وتنشر هذه الدواوين يوم القيامة.