فإذا كان الله عز وجل قد كتب علينا وعلى كل الإنس والجن كل شيء، وكتب منزلتهم ومكانتهم سواء من الجنة أو من النار، -أعاذنا الله وإياكم منها- فقد يقول قائل: ألا تدل هذه الكتابة على أن الله جبرنا؟ فنقول: ليس جبراً.
فإذا قيل: كيف لا يكون جبراً وقد كتبنا وانتهى الأمر؟! فنقول: إننا إذا آمنا بعلم الله الشامل العام فحينئذ يزول عنا هذا الإشكال.
فإن هذا الإشكال إنما يرد عندما نظن أن الله لا يعلم ماذا سنعمل.
يعني: أننا تحدث لنا أحداثاً في مستقبل الأيام، وسنختار كيف نتعامل معها بإراداتنا وبشهواتنا وبقناعاتنا، وهذا الاختيار علمه الله عز وجل قبل أن نختاره؛ لأن علمه شامل لكل شيء.
وإذا كان علمه شاملاً لكل شيء فمعنى هذا أن اختيارنا علمه الله قبل أن نختاره فكتبه.
وليس معنى كتابة الله له في اللوح المحفوظ أنه ألزم العباد بشيء لا يريدونه، وإنما كتب في اللوح المحفوظ ما علم أنه سيقع من العباد باختيارهم.
وما كتبه الله سيقع منا باختيارنا، فلو فرضنا أن الله كتب علينا شيئاً فإننا لا نستطيع أن نغير ما كتبه الله؛ لأننا أصلاً لا ندري ماذا كتب الله علينا؛ ولهذا قال العلماء: القدر سر الله عز وجل.