رابعاً: عمل الجوارح: والدليل على أن عمل الجوارح من الإيمان: قول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣].
وورد في حديث الشعب أنه قال:(الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق -وهذا عمل- والحياء شعبة من الإيمان)، والله عز وجل يقول:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣] يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس؛ لأنهم صلوا في البداية إلى بيت المقدس، ثم حولت القبلة، وتحدث بعض الناس عن أن الصلوات التي صلوها لبيت المقدس باطلة، فأنزل الله عز وجل قوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣] فسمى الصلاة: إيماناً، والصلاة عمل من أعمال الجوارح.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:(الطهور شطر الإيمان) رواه مسلم.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).
وهذا يدل على أن ترك الزنا من الإيمان، والترك من العمل، كما قال الله عز وجل:{كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة:٧٩]، فعبر عن ترك التناهي بالفعل، قال:((كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ)) يعني: يتركون التناهي، ((كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)) يعني: لبئس ما كانوا يفعلونه من ترك التناهي، فسمى ترك التناهي فعلاً، فترك الزنا فعل وعمل أدخل في الإيمان، قال:(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) إذاً: من ترك الزنا صار مؤمناً، وهكذا أحاديث كثيرة تدل على أن من ترك الكبائر فهو مؤمن.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا إيمان لمن لا أمانة له).
وقوله:(من غشنا فليس منا).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:(حسن العهد من الإيمان) كما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الإيمان.
إذاً: الإيمان حقيقة مركبة من القول والعمل، والقول: يشتمل على قول القلب وهو: تصديقه، وقول اللسان: وهو النطق بالشهادتين، وما يتبع ذلك من قراءة القرآن والذكر ونحو ذلك، والعمل يشتمل على عمل القلب، وهو خشية الله، والتوكل على الله، ومحبة الله، والرجاء لله عز وجل ونحو ذلك، وأيضاً: عمل الجوارح، مثل: الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة.