هناك مسألة وهي: هل الاسم هو المسمى أو غير المسمى؟ هذه المسألة واضحة عند أهل السنة، فإن الاسم للمسمى، وقالت المعتزلة: إن الاسم غير المسمى، والسبب في هذا أنهم قالوا: الاسم مأخوذ من القرآن، والقرآن كلام الله، وكلام الله مخلوق، فإذا قلنا: الاسم هو المسمى فمعنى هذا أن الله مخلوق، فقالوا: إن الاسم غير المسمى، وإن أسماء الله التي سمى بها نفسه مثل الرحيم والرحمن والعزيز والجبار هي من القرآن ومن كلام الله عز وجل فهي مخلوقة كما أن القرآن مخلوق.
ولهذا قال الشافعي رحمه الله وغيره من أهل السنة: من قال: إن أسماء الله مخلوقة فقد كفر، فالأشاعرة اتفقوا مع المعتزلة في الحقيقة، حيث يعتبر الأشاعرة أن القرآن الذي بين أيدينا مخلوق، وأنه عبارة عن معنى قائم بنفسه، وأن الحروف والأصوات والعبارات الموجودة في القرآن ليست من كلام الله وإنما معناها من كلام الله وفهمه جبريل أو محمد صلى الله عليه وسلم وعبروا عنه بهذا القرآن! فهم وافقوا المعتزلة في أن القرآن مخلوق، حتى إن بعض الأشاعرة كـ البيجوري في تحفة المريد في شرح جوهرة التوحيد قال: يصح أن يقال: القرآن مخلوق في مقام التعليم، أي: لأجل تقريب المعلومات إلى الناس، لكن المعنى هو كلام الله عز وجل؛ ولهذا نفوا أن يتكلم الله عز وجل بحرف وصوت.
فعندما وافقوا المعتزلة في الحقيقة خالفوهم في هذه المسألة، وقالوا: إن الاسم هو المسمى، فالألف والسين والميم هو حقيقة المسمى نفسه؛ لأنه من كلامه وهو صفة من صفاته، وسموا العبارات الموجودة في القرآن مخلوقة، لكن الاسم هو حقيقة المسمى، أي: هو الله نفسه.
والمعتزلة عندما قالوا: الاسم غير المسمى، قصدوا بالاسم التسمية عند الأشاعرة، فاتفقوا في الحقيقة واختلفوا في العبارة، وأهل السنة يقولون: أسماء الله عز وجل ليست مخلوقة؛ لأن أسماء الله عز وجل من كلام الله عز وجل، وكلام الله عز وجل صفة من صفاته ولا يمكن أن تكون مخلوقة، فالاسم للمسمى، وقد سمى الله عز وجل نفسه بهذه الأسماء، وهذه الأسماء له، ولا يصح أن يقال: الاسم هو المسمى أو الاسم غير المسمى.
وقد بينا مقاصد من قال: إن الاسم هو المسمى، أو إن الاسم غير المسمى، ولـ شيخ الإسلام رحمه الله رسالة مستقلة في هذا الموضوع موجودة في الفتاوى.