وخالف في البعث طوائف: منهم الكفار الوثنيون، مثل: كفار قريش؛ فإنهم كانوا لا يعترفون بالبعث، بل كانوا يقولون: موت ثم بعث ثم حشر حديث خرافة يا أم عمرو ولهذا يقول الله عز وجل عنهم: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}[التغابن:٧]، وكانوا يقولون: إن لحوم الناس تتفرق، وعظامهم تتفتت، وحينئذ يصبحون ممزقي الأوصال ويكونون تراباً، فكيف يعودون مرة أخرى؟ والحقيقة: أنه يمكن الاستدلال عليهم بالعودة بما يعترفون به من أن الخلق الأول هو خلق الله عز وجل للناس، كما قال الله عز وجل:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان:٢٥]، فهم يعترفون بأن الله هو الخالق الذي خلق الخلق سبحانه وتعالى، فإذا كان الله عز وجل هو الذي خلق الخلق فهو قادر على إعادته؛ لأن الإعادة أسهل من البدء.
ولهذا استعمل مع المنكرين دليلاً عقلياً بقدرته سبحانه وتعالى، قال تعالى:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس:٧٨ - ٧٩] فهذا برهان عقلي كاف لقطع حجة المنازعة لو أنه فكّر وتأمل.