هل المعية حقيقة أم كناية عن العلم؟ وكيف الجمع بين قول شيخ الإسلام: إنها معية حقيقة، وقول الجهمية: إنه مع الناس في كل مكان؟
الجواب
المعية حقيقية، وليس معناها حقيقية بذاته، وإنما حقيقية في معناها الصحيح، ومعناها الصحيح: أنه مع عباده بعلمه وقدرته وسلطانه، ومع بعض عباده بما سبق وبزيادة العناية والتمكين والنصرة.
إذاً: هي معية حقيقية على هذا المعنى الذي سبقت الإشارة إليه، ولا يلزم من كلمة (حقيقية) أن يكون مع عباده بذاته؛ فإن هذا هو قول الجهمية الضالين المنحرفين، فهناك فرق بين أن يقال: معية الله معية حقيقية، وبين أن يقال: معية الله: مع عباده بذاته، فالأول قول صحيح لا إشكال فيه، ولا يلزم منه أن يكون مع الخلق مخالطاً لهم بذاته، والقول الثاني هو قول الحلولية الضالين المنحرفين.
السؤال: كيف الرد على من يقول: إن أهل السنة يؤولون المعية بالعلم؟ الجواب: لا شك أن هذا فهم خاطئ لكلام أهل السنة، فإن المعية في أصل اللغة لا يلزم منها المخالطة، بل قد تطلق المعية وتدل على المخالطة، وقد تطلق ولا تدل على المخالطة، فنحن نقول: إن معية الله عز وجل من النوع الثاني، وهي التي لا تقتضي المخالطة، وأما ما هو الدليل على أنها لا تقتضي المخالطة؟ فهناك أدلة كثيرة جداً، منها: إثبات علو الله عز وجل واستوائه على عرشه وتنزيهه سبحانه وتعالى وتقديسه، ثم إن العلو والمعية تجتمع في آية واحدة، وهذا يدل دلالة صريحة على أن المعية هنا المقصود بها: معية العلم والإحاطة، ولا يصح أبداً أن يقال: إن هذا تأويل لصفة المعية، فليس هذا تأويلاً، وإنما التأويل هو صرفها عن ظاهرها، وهذا هو ظاهرها، ظاهرها: أن الله مع العباد بعلمه وقدرته.