قلت: هما جبلان يشرفان على وادي حُنَين من الجنوب بينه وبين وادي البُجَيدي، وكلاهما من روافد عُرنَة وبن لبنين ريع يسمى (مبرك)، يجعل أحدهما غر به والآخر شرقه.
وتخاصم في لَبَنين هذين قريش والأشراف الجوازين، فوصلت القضية الحسن بن علي صاحب ثورة العرب، فأراد أن يحكم به لقُرَيش، لأن هذه ديار قريش -وإن كان الأشراف من قريش أيضاً- فقال الجازاني:(لبن لبنين يا شريف) أي أنهما جبلان وليسا جبلاً واحداً! فحكم الحسن بأن للجازاني الشرقي وللقُرَشي الغربي.
وذهب قول الجازاني (لبن لبنين) مثلاً لمن يريد القِسْمة.
ويوجد لَبَنَانِ آخران جنوب مكة، على بعد ٤٧ كيلاً، مياهها في وادي محرض ثم في ملكان، وهما في ديار الأشراف الحُمُودية من الأشراف العبادلة، وهذان وردا في شعر هذيل باسم (ألبَان) ولَبَن آخر بوادي سعيا، وكان جبل مِلْحة المشرف على المُعرّف من مطلع الشمس يسمى لُبَينا تصغير المتقدم، قال أوس بن حجر:
حلفت برب الداميات نحورها ... وما ضم أجماد اللُّبَين فَكَبْكب
وجنوب مكة إلى الغرب سلسلة جبال ليست بالشوامخ تسمى لُبَيْنات وهذه ذكرها الأزرقي باسم (لَبَن) وقال هو حد الحرم، حيث نص أن عنده أضاة تسمى (أضاة لَبَن) عندها حد الحرم. وعلى العموم يبدو أن كنانة أو قُريشاً خاصة كانت تطلق اسم لَبَن على كل جبل أشعل تشبيهاً باللَّبَن، حيث نراها تكثر في ديارها ولا توجد في غيرها. وفي ألْبان يقول أبو قلابة الهُذَلي:
يا دار أعرفها وَحْشاً منازلهُا ... بين القوائِم من رهطٍ فَألْبَانِ