قلت: هذا منحى نحاه بعض المتقدمين رحمهم الله كقولهم: فتح الشعر بأمير وختم بأمير. أي فتح بامرىء القيس وختم بأبي فراس الحمداني، ولا زال الشعر حياً يغنى رغم القرون التي مرت على موت أبي فراس. وكانوا يجادلون في من هو أشعر الناس. ولكنهم كانوا يقصدون أشعر الناس في زمانهم. وحتى بعض المتأخرين قال: ختم الشعر بشوقي ولم يختم بعد. والمهم في موضوعنا المقارنة بين زمن مضاض والمهلهل.
فالمصادر تقول: إن المهلهل عاش نحو (٥٧٠) م أي قبل الهجرة بخمسين سنة. ومُضاض قبل الهجرة بسبعمائة سنة تقريباً، ذلك أن خزاعة وليت البيت بعد جرهم خمسمائة سنة، وبين قُصَيّ وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، مائتي سنة، كل هذا بالتقريب. وهذا شعر مضاض أمامنا من شعر البلدانيات والتشوق الجيد، وهو بالتأكيد ليس بدعاً عليه بل نتيجة مسيرة طويلة.
ولجرهم شعر آخر:
اللهُمَّ إن جُرهماً عبادُك ... الناس طَرْف وهمُو تلادُك
فإلى أخي ذلك المحاضر الذي تكرم وأرسل إلي نسخة من المحاضرة وإلى كل الدارسين لأدبنا نقول: التروي والبحث العميق قبل اصدار الحكم {وما أُوتِيْتُمْ منَ العِلْمِ إلاَّ قَلِيلا}(صدق الله العظيم).
حَدَّاء: بفتح الحاء والدال المهملتين وتشديد الدال، ممدود: عين كانت جارية بأسفل مر الظهران، ثم قامت عليها قرية تطورت مع الزمن، تقع بين الحديبية وبحرة على الطريق بين مكة وجُدَّة، وقد درج المتأخرون من الرحالين على تسميتها (حَدَّة) وهو تحريف طرأ بعد أن مرضت لغة الأمصار.