عدمتم خَيْلنا إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كَدَاء
ولم يتعمق جغرافيو المتقدمين في تحديد الحجون، ولعل ذلك لبعدهم عن مكة. ومن شاهدها منهم شاهدها مشاهدة الزائر الغريب، وما ستأتي به مشاهدات غريب؟ إن لم يكن له من أهك البلد راوية ومرشد. وعندما قام الأستاذ رشدي ملحس بتحقيق أخبار مكة تأليف محمد الأزرقي، توهم أن الحجون حجونان: أحدهما جاهلي، والآخر إسلامي، ولا أرى ذلك.
بل أن لدينا نصوصاً من أهمها نص الأزرقي نفسه، على أن الحجون هو الجبل الذي يمتد من ريم الحجون اليوم مشرقاً بشمال، ويكون وجهه الشرقي جبل أذاخر الذي يشرف على ثنية أذاخر التي تفضي على الخُرمانية (حائط خرمان) وهي الثنية التي دخل منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يوم الفتح، فإذاً جبل الحجون هو ذلك الجبل الذي تقع مقبرة أهل مكة القديمة بسفحه من الجنوب الغربي، وفي هذه المقبرة قبر خديجة رضي الله عنها. وقفة: هذه الوقفة مع شعر مضاض بن عمرو الجرهمي المتقدم. فقبل مدة ألقى أحد الأساتذة الكرام محاضرة كرر فيها أن عمر الشعر العربي لا يزيد عن (٢٠٠) سنة! قبل البعثة النبوية على أكثر تقدير. ويقول هذا المحاضر (وعساه يعي ما يقول) وكانت ذروة مجد الشعر ذلك البيان الذي نجده في القرآن! لما تركته المعلقات من مفردات راقية، أي أن بلاغة القرآن -على حد تعبير هذا المحاضر- ما كانت لتصل إلى هذا المستوى لو لم يترق الشعر! ولن نناقش هذا الزعم الباطل يقيناً. إنما الذي نريد أن نناقشه قوله: ان أول من هلهل الشعر هو المُهَلْهِل بن ربيعة خال امرىء القيس، فأورثه شعره وعلى يد امرىء القيس سما الشعر. أهـ.