عمر والجُرْهمي ملك جرهم، فتابع أثرها حتى أشرف على وادي مكة، فإذا بابله تنحر وتطبخ، فأنشأ مُضَاض يقول:
كأن لم يكن بين الحُجُون إلى الصَّفَا ... أنيس، ولم يسمر بمكة سامر
ولم يتربَّع واسطاً فجُنُوبه ... إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر
بلى! نحن كنا أهلها فأزالنا ... صروف الليالي والجُدُود العواثر
وبدَّلنا رَبِّي بها دار غُرْبة ... بها الذيب يعوى والعدو المحاصر
فإن تمل الدنيا علينا بكَلِّها ... وتصبح حال بعدنا تشاجر
فكُنَّا ولاةَ البيت من بعد نابتٍ ... نطوف بهذا البيت والخيرُ ظاهرُ
من قصيدة طويلة، وله أشعار أخرى في تشوقه إلى مكة. وكذلك ظلت خزاعة تلي البيت خمسمائة سنة إلى أن أفسدت فأزاحها قُصَيّ بن كِلاَب، فوليتها قُرَيش وعمرتها، فلما أفسدت في الحرم بما وضعت فيه من أصنام وغيرت ما تبقى من ملة إبراهيم، أرسل الله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، بدين الحق، وبدل الله مكة خيراً وجعلها قبلة الدنيا.
هذا استطراد أملته سيرة مضاض بن عمرو.
وقال أبو طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم -: (١)