للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد طول غربتها فَتلك الْأَعْمَال كالهجرة وَلكُل امْرِئ مَا هَاجر إِلَيْهِ وَنِيَّة الْمَرْء ثَوْبه فَلَا يلبس إِلَّا مَا خلعته النِّيَّة عَلَيْهِ

وَكتاب الْخَادِم الْآن من البيرة بَعْدَمَا قطع الْفُرَات وَكَانَ من لَا تقرب عَلَيْهِ العزائم مَا هُوَ بعيد وَلَا يلقِي السّمع وَهُوَ شَهِيد يظنّ أَن سَاكن النّيل يحول الْفُرَات بَينه وَبَين قَصده وَأَنه ينسى عَزِيمَة رَأْيه إِذا ذكر طول مدَّته وهول مده وكيفما كَانَ هَذَا الْمخْرج المحرج فقد أَحْسَنت إِلَى الْخَادِم إساءته إِلَيْهِ وقربه من مَحل دَار السَّلَام بل الْإِسْلَام فَمَا أَكثر مَا قَالَ السَّلَام عَلَيْهِ واستشرف جنانه من جنابه أمنا وذعرا أوجبتهما الْمُوَالَاة والمهابة وطالعت عينه أنواء وأنوارا تنْسب إِلَى بركاتها كل سَحَابَة وَكَاد ينزل عَن السُّرُوج والأكوار وَيقبل الثرى لأجل شرف الْجوَار وتستنفد غَلَّته مَاء الْفُرَات لِأَنَّهُ يمر بِتِلْكَ الديار وَيقْرَأ من صفائه صفاء تِلْكَ الخواطر الْعَظِيمَة الأخطار وَمن عذوبته ذَلِك الإنعام الَّذِي هُوَ أَعم وأغمر للأقطار من القطار وتنور دَار الْإِسْلَام من مَنْزِلَته فأدناه النّظر العالي وأسفلته آماله حوز الْفَوْز بِمَا قربه نجيا من قربهَا والآمال أمالي وَالله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>