قَالَ الْعِمَاد لما فتحنا الْقُدس أَمر بتعمير الْمِحْرَاب وترخيمه وتكميل حسنه وتتميمه وَوضع مِنْبَر رسمي فِي أول يَوْم قضى بِهِ الْفَرْض واحتيج بعد ذَلِك إِلَى مِنْبَر حسن رائق بحسنه لَائِق وبجماله شائق وبكماله فائق فَذكر السُّلْطَان الْمِنْبَر الَّذِي أنشأه الْملك الْعَادِل نور الدّين مَحْمُود بن زنكي رَحمَه الله لبيت الْمُقَدّس قبل فَتحه بنيف وَعشْرين سنة وأودعه لَهُ من ذخائره عِنْد الله حَسَنَة فَأمر أَن يكْتب إِلَى حلب وَيطْلب فَحمل وَعمل على مَا أَمر بِهِ وامتثل فجَاء كالروض النَّضِير والوشي الحبير عديم النظير
وَكَانَ من حَدِيث إحداثه مَا ألهم الله نور الدّين رَحمَه الله لَا رتياح خاطره إِلَيْهِ وانبعاثه وَقد أوقع فِي روعه من النُّور الفائض من ينبوع ضلوعه أَن الْبَيْت الْمُقَدّس بعده سيفتح وَأَن صُدُور الْمُسلمين الحرجة لأَجله ستشرح وَهُوَ من أَوْلِيَاء الله الملهمين وعباده الْمُحدثين الْمُكرمين وَكَانَ بحلب نجار يعرف بالأختريني من ضَيْعَة تعرف بأخترين لم يلف لَهُ فِي براعته وصنعته قرين فَأمره نور الدّين بِعَمَل مِنْبَر لبيت الله الْمُقَدّس وَقَالَ لَهُ اجْتهد أَن تَأتي بِهِ على النَّعْت المهندم والنحت المهندس