ثمَّ إِن أتابك بعد ملكة بعلبك سَار إِلَى دمشق فَنزل الْبِقَاع فوردت هَدِيَّة صَاحب دمشق وَطلب الْعود وَيُعْطِيه خمسين ألف دِينَار وَيُعْطِيه حمص فَأَشَارَ نجم الدّين على زنكي بِقبُول ذَلِك وَقَالَ هَذَا مَال كثير وَقد حصل بِلَا تَعب وبلد كَبِير بِلَا عناء ودمشق بلد عَظِيم وَقد ألف أَهله هَذَا الْبَيْت وتمرنوا على سياستهم وَقد بلغتهم الْأَحْوَال الَّتِي جرت ببعلبك فَامْتنعَ زنكي من قبُول مَا أَشَارَ بِهِ ففاته ذَلِك وَلم يظفر بغرضه
[فصل]
ثمَّ سَار أتابك الشَّهِيد فِي هَذِه السّنة وَهِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ إِلَى بِلَاد الفرنج فَأَغَارَ عَلَيْهَا وَاجْتمعَ مُلُوك الفرنج وَسَارُوا إِلَيْهِ فَلَقِيَهُمْ بِالْقربِ من حصن بارين وَهُوَ للفرنج فَصَبر الْفَرِيقَانِ صبرا لم يسمع بِمثلِهِ إِلَّا مَا يحْكى عَن لَيْلَة الهرير وَنصر الله الْمُسلمين وهرب مُلُوك الفرنج وفرسانهم فَدَخَلُوا حصن بارين وَفِيهِمْ ملك الْقُدس لِأَنَّهُ كَانَ أقرب حصونهم واسلموا عدتهمْ وعتادهم وَكثر فيهم الْجراح
ثمَّ سَار الشَّهِيد إِلَى حصن بارين فحصره حصرا شَدِيدا فراسلوه فِي طلب الْأمان ليسلموا ويسلموا الْحصن فَأبى إِلَّا أَخذهم قهرا
فَبَلغهُ أَن من بالسَّاحل من الفرنج قد سَارُوا إِلَى الرّوم والفرنج يستنجدونهم وَينْهَوْنَ إِلَيْهِم مَا فِيهِ مُلُوكهمْ من الْحصْر فَجمعُوا وحشدوا وَأَقْبلُوا إِلَى السَّاحِل وَمن بالحصن لَا يعلمُونَ شَيْئا من ذَلِك لقُوَّة الْحصْر عَلَيْهِم
فَأَعَادُوا مراسلته فِي طلب الْأمان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute