للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرخصوا غوالي المهج ويقتنصوا هَذَا الطَّائِر من جوه الَّذِي لَا يُدْرِكهُ لوحه ويدركوا هَذَا الْعَدو الَّذِي لَا يدْرك إِلَّا أَن ينجد عَلَيْهِ مَلَائِكَة الله وروحه

وَفِي كتاب آخر إِلَى بَغْدَاد كَانَ الفرنج قد ركبُوا من الْأَمر نكرا وافتضوا من الْبَحْر بكرا وعمروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة والأزواد وضربوا بهَا سواحل الْيمن والحجاز وأثختوا وأوغلوا فِي الْبِلَاد واشتدت مَخَافَة أهل تِلْكَ الجوانب بل أهل الْقبْلَة لما أومض إِلَيْهِم من خلل العواقب وَمَا ظن الْمُسلمُونَ إِلَّا أَنَّهَا السَّاعَة وَقد نشر مطوي أشراطها وَالدُّنْيَا قد طوي منشور بساطها وانتظر غضب الله لفناء بَيته الْمحرم ومقام خَلِيله الأكرم وتراث أنبيائه الأقدم وضريح نبيه الْأَعْظَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجوا أَن تشحذ البصائر آيَة كآية هَذَا الْبَيْت إِذْ قَصده أَصْحَاب الْفِيل ووكلوا إِلَى الله الْأَمر وَكَانَ حسبهم وَنعم الْوَكِيل

وَكَانَ للفرنج مقصدان أَحدهمَا قلعة أَيْلَة الَّتِي هِيَ على فوهة بَحر الْحجاز ومداخله وَالْآخر الْخَوْض فِي هَذَا الْبَحْر الَّذِي تجاوره بِلَادهمْ من ساحله وانقسموا فريقين وسلكوا طَرِيقين فَأَما الْفَرِيق الَّذِي قصد قلعة أَيْلَة فَإِنَّهُ قدر أَن يمْنَع أَهلهَا من مورد المَاء الَّذِي بِهِ قوام الْحَيَاة ويقاتلهم بِنَار الْعَطش المشبوب الشباة وَأما الْفَرِيق القاصد سواحل الْحجاز واليمن فَقدر أَن يمْنَع طَرِيق الْحَاج عَن حجه ويحول بَينه وَبَين فجه وَيَأْخُذ تجار الْيمن وأكارم عدن ويلم بسواحل الْحجاز فيستبيح وَالْعِيَاذ بِاللَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>