لمن نوى المناواة ويتبين لمن كَانَ على مُنَافَاة الملاقاة أَن رجَالًا من مصر فتحُوا آمد بعد سنة من البيكار وَبعد غزوتين قد طولع بهما فِي تواريخهما إِلَى الْكفَّار فَفِي ذَلِك مَا يغص الْحَاسِد ويغض الحاقد وَيعلم أَن فِي أَوْلِيَاء الدولة مَا رد كل مارد
فَلَمَّا حل بعقوتها أَرَادَ أَن يجْرِي الْأَمر على صَوَابه ويلج الْأَمر من بَابه وَأَن ينذر المغتر ويوقظه ويعظه بالْقَوْل الَّذِي رأى من الرِّفْق أَلا يغلظه فَبعث إِلَيْهِ أَن يهب من كراه ويعد لضيف التَّقْلِيد قراه وينجو بِنَفسِهِ منجى الذُّبَاب وَلَا يتَعَرَّض لِأَن يكون منتجى للذباب فَإِذا عريكته لَا تلين إِلَّا بالعراك وطريدته لَا تصاد إِلَّا بالأشراك فهناك رأى عَاجلا مَا هُنَاكَ وقوتل حق الْقِتَال فِي يَوْم وَاحِد عرف مَا بعده من الْأَيَّام وَوَقع الإشفاق من روعة الْحَرِيم وَسَفك الدَّم الْحَرَام وَنصب المنجنيقات فَأرْسل عارضها مطره وَفطر السُّور بقدرة الَّذِي فطره وخطب أمامها خطيب خطبه وأغمد الصارم اكْتِفَاء بضربه وترفه أهل الْحَرْب لحسن المناب مِنْهُ عَن حربه فَصَارَ فِي أقرب الْأَوْقَات جبلها كثيبا مهيلا وعفرت الأبرجة وَجها تربا وَنظرت القلعة نظرا كليلا حَتَّى إِذا أمكنت النقوب أَن تُؤْخَذ وكبد السُّور أَن تفلذ رأى الَّذِي لَا يصبر