للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد وَفِي سَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وصل الْملك الْأَفْضَل إِلَى دمشق وَلم يكن رأى الشَّام قبل ذَلِك وَكَانَ السُّلْطَان رأى رواح الْملك الْعَادِل إِلَى مصر فَإِنَّهُ كَانَ آنس بأحوالها من الْملك المظفر فَمَا زَالَ يفاوضه فِي ذَلِك وَهُوَ على حران مَرِيض وَحصل ذَلِك فِي نفس الْعَادِل فَإِنَّهُ كَانَ يحب الديار المصرية

فَلَمَّا عَاد السُّلْطَان إِلَى دمشق وَمن الله بعافيته سير يطْلب الْعَادِل إِلَى دمشق فَخرج من حلب جَرِيدَة وَأقَام بِدِمَشْق فِي خدمَة السُّلْطَان يجْرِي بَينهمَا أَحَادِيث ومراجعات فِي قَوَاعِد تقرر إِلَى جُمَادَى الْآخِرَة فاستقر عود الْعَادِل إِلَى مصر وَيسلم بِلَاد حلب إِلَى الْملك الظَّاهِر وَسلم السُّلْطَان إِلَيْهِ وَلَده الْملك الْعَزِيز وَجعله أتابكه

قَالَ وَلَقَد قَالَ لي الْملك الْعَادِل لما اسْتَقَرَّتْ هَذِه الْقَاعِدَة اجْتمعت بِخِدْمَة الْملك الْعَزِيز وَالْملك الظَّاهِر وَجَلَست بَينهمَا وَقلت للعزيز اعْلَم يَا مولَايَ أَن السُّلْطَان قد أَمرنِي أَن أَسِير فِي خدمتك إِلَى مصر وَأَنا أعلم أَن المفسدين كثير وَغدا فَمَا يَخْلُو مِمَّن يَقُول عني مَا لَا يجوز ويخوفك مني فَإِن كَانَ لَك عزم تسمع فَقل لي حَتَّى لَا أجيء

فَقَالَ لَا أسمع وَكَيف يكون ذَلِك ثمَّ الْتفت وَقلت للْملك الظَّاهِر أَنا أعرف أَن أَخَاك رُبمَا سمع فِي أَقْوَال المفسدين وَأَنا فَمَالِي إِلَّا أَنْت وَقد قنعت مِنْك بمنبج مَتى ضَاقَ صَدْرِي من جَانِبه

فَقَالَ مبارك

وَذكر كل خير

ثمَّ إِن السُّلْطَان سير وَلَده الظَّاهِر إِلَى حلب وأعادها إِلَيْهِ وَكَانَ رَحمَه الله يعلم أَن حلب هِيَ أصل الْملك وجرثومته وقاعدته وَلِهَذَا دَاب

<<  <  ج: ص:  >  >>