وَالسُّلْطَان رَحمَه الله قد وثق بنصر الله فَهُوَ يمْضِي بِنَفسِهِ على الصُّفُوف ويحضهم ويعدهم من الله بنصره المألوف ويغري المئين بالألوف وهم بمشاهدته إيَّاهُم يجيدون ويجدون ويصدون الْعَدو ويردون
وَكَانَ للسُّلْطَان مَمْلُوك اسْمه منكورس حمل فِي أول النَّاس وَكَانَ حصانه قوي الراس فأبعد عَن إخوانه وَلم يُتَابِعه أحد من أقرانه فَانْفَرد بِهِ الفرنج فَأثْبت فِي مستنقع الْمَوْت رجله وَقَاتل إِلَى أَن بلغُوا قَتله فَلَمَّا أخذُوا رَأسه ظنُّوا أَنه أحد أَوْلَاد السُّلْطَان وانتقل الشَّهِيد إِلَى جوَار الرَّحْمَن
وَلما شَاهد الْمُسلمُونَ استشهاده وَجلده وجلاده حميت حميتهم وخلصت لله نيتهم وَأصْبح الْجَيْش على تعبئته والنصر على تلبيته وَذَلِكَ يَوْم السبت الْخَامِس وَالْعِشْرين من ربيع الآخر وَهُوَ يَوْم النُّصْرَة وَوُقُوع الكسرة وبرح بالفرنج الْعَطش وأبت عثرتها تنتعش وَكَانَ النسيم من أمامها والحشيش تَحت أَقْدَامهَا فَرمى بعض مطوعة الْمُجَاهدين النَّار فِي الْحَشِيش فتأجج عَلَيْهِم استعارها وتوهج أوارها فبلوا وهم أهل التَّثْلِيث من الدُّنْيَا بِثَلَاثَة الْأَقْسَام فِي الاصطلاء والاصطلام نَار الضرام ونار الأوام ونار السِّهَام فرجا الفرنج فرجا وَطلب طَلَبهمْ المحرج مخرجا فَكلما خَرجُوا جرحوا وبرح بهم حر الْحَرْب فَمَا برحوا وهم ظماء وَمَا لَهُم مَاء سوى مَا بِأَيْدِيهِم من مَاء الفرند مَاء فشوتهم نَار السِّهَام وأشوتهم وصممت عَلَيْهِم قُلُوب القسي القاسية وأصمتهم وأعجزوا وأزعجوا وأحرجوا وأخرجوا وَكلما حملُوا ردوا وأردوا وَكلما سَارُوا وشدوا أَسرُّوا