للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأبى أَن يسلم وَمَا أسلم إِلَّا آحَاد حسن إسْلَامهمْ وتأكد بِالدّينِ غرامهم

قَالَ الْعِمَاد وَمَا زلت أبحث عَن سَبَب نذر السُّلْطَان إِرَاقَة دم الإبرنس حَتَّى حَدثنِي الْأَمِير الْعَزِيز عبد الْعَزِيز بن شَدَّاد بن تَمِيم بن الْمعز بن باديس وَهُوَ ذُو الْبَيْت الْكَبِير والحسب الْجَلِيل وَكَانَ جده صَاحب إفريقية والقيروان وَكَانُوا يتوارثون ملكه إِلَى قريب من هَذَا الزَّمَان ذكر أَن الْأَجَل الْفَاضِل حَدثهُ أَن السُّلْطَان لما عَاد إِلَى دمشق من حران بعد المرضة الَّتِي صَار بهَا كل قلب عَلَيْهِ حران وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَهُوَ من عقابيل سقمه لَا يُفَارق الأنين فَقلت لَهُ مَا مَعْنَاهُ قد أيقظك الله وَمَا يعيذك من هَذَا السوء سواهُ فانذر أَنَّك إِذا أبللت من هَذَا الْمَرَض تقوم بِكُل مالله من المفترض وَأَنَّك لَا تقَاتل من الْمُسلمين أحدا أبدا وَتَكون فِي جِهَاد أَعدَاء الله مُجْتَهدا وَأَنَّك إِذا نصرك الله فِي المعترك وظفرت بالقومص وإبرنس الكرك تتقرب إِلَى الله بإراقة دمهما فَمَا يتم وجود النَّصْر إِلَّا بعدمهما

فَأعْطَاهُ يَده على هَذَا النّذر ونجاه الله ببركة هَذَا الْعذر من الذعر وخلصه إخلاصه فِي مرضاة الله فأبل من مرضته واستقل بنهضته واستقبل السّنة الْقَابِلَة بِسنة الْغَزْو وفريضته ثمَّ جرى من مُقَدمَات الْجِهَاد ونتائجها مَا جرى وخيم السُّلْطَان فِي جموع الْإِسْلَام بعشترا وَركب يَوْمًا فِي عسكره وعزم على نشر القساطل وطي المراحل وَدخُول السَّاحِل وَالْقَذْف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فَبَدَأَ بلقاء الطلعة الْمُبَارَكَة من الْأَجَل الْفَاضِل فَقَالَ لَهُ ليكن نذرك على ذكرك واستزد نعْمَة الله عِنْده بمزيد شكرك وَلَا تخطر غير قمع أهل الْكفْر بفكرك فَمَا أنقذك الله من تِلْكَ الورطة ونعشك من تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>