من يثربه وَهَذَا الْأَمِير عز الدّين أَبُو فليتة الْقَاسِم بن المهنا الْحُسَيْنِي قد وَفد فِي تِلْكَ السّنة أَوَان عود الْحَاج وَهُوَ ذُو شيبَة تقد كالسراج وَمَا برح مَعَ السُّلْطَان ماثور المآثر مَيْمُون الصُّحْبَة مَأْمُون الْمحبَّة مبارك الطلعة مشاركا فِي الْوَقْعَة فَمَا تمّ فتح فِي تِلْكَ السنين إِلَّا بِحُضُورِهِ وَلَا أشرق مطلع من النَّصْر إِلَّا بنوره فرأيته فِي ذَلِك الْيَوْم للسُّلْطَان مسايرا وَرَأَيْت السُّلْطَان لَهُ مشاورا محاورا وَأَنا أَسِير مَعَهُمَا وَقد دَنَوْت مِنْهُمَا ليسمعاني وأسمعهما ولاحت أَعْلَام عكا وَكَأن بيارق الفرنج المركوزة عَلَيْهَا أَلْسِنَة من الْخَوْف تتشكى وَكَأن عذبات النيرَان تصاعدت لعذاب أَهلهَا وَقد توافرت عَسَاكِر الْإِسْلَام إِلَيْهَا من وعرها وسهلها
وَلما أَشْرَفنَا عَلَيْهَا مستبشرين أيقنا بِفَتْحِهَا مسبشرين فَمَا كَانَ فِيهَا من يحميها فَمَا صدقنا كَيفَ نملكها ونحويها
وَظهر على السُّور أَهلهَا لأجل الممانعة والثبات على المدافعة وخفقان ألويتها يشْعر بقلوبها الخافقة وأرواح جلدهمْ الزاهقة
ووقفنا نتأمل طلولها ونؤمل حُصُولهَا وخيم السُّلْطَان بقربها وَرَاء التل وانبثت عساكره فِي الوعث والسهل
وبتنا تِلْكَ اللَّيْلَة وَقد هزتنا الأطراب ونقول مَتى يجْتَمع الصَّباح وَالْأَصْحَاب فَمَا هجدنا وَلَا غرارا وَلَا وجدنَا من الْفَرح قرارا وَالسُّلْطَان جَالس وَنحن عِنْده وَهُوَ يحض جنده ويقدح مَعَهم فِي اقتباس الآراء زنده وَمنا من يستنجز وعده وَمنا من يستميح رفده وَمنا من يواصله بِالدُّعَاءِ وَمنا من يشافهه بالهناء
وَأصْبح يَوْم الْخَمِيس وَركب فِي خميسه ووقف كالأسد فِي عريسه ووقفنا بِإِزَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute