والمحشر وأملى الْحفاظ وابكى الوعاظ وتذاكر الْعلمَاء وتناظر الْفُقَهَاء وتحدثت الروَاة وروى المحدثون وتحنف الهداة وَهدى المتحنفون وأخلص الداعون ودعا المخلصون وَأخذ بالعزيمة المترخصون ولخص الْمُفَسِّرُونَ وَفسّر الملخصون وانتدى الْفُضَلَاء وانتدب الخطباء وَكثر المتوحشون للخطابة المتوشحون بالإصابة المعروفون بالفصاحة الموصوفون بالحصافة فَمَا فيهم إِلَّا من خطب الرُّتْبَة ورتب الْخطْبَة وَأَنْشَأَ معنى شائقا ووشى لفظا رائقا وَسوى كلَاما بالموضع لائقا وروى مبتكرا من البلاغة فائقا وَفِيهِمْ من عرض عَليّ خطبَته وَطلب مني نصبته وَتمنى أَن ترجح فضيلته وتنجح وسيلته وتسبق منيته فِيهَا أمنيتهم وَكلهمْ طَال إِلَى الالتهاء بهَا عُنُقه وسال من الالتهاب عَلَيْهَا عرقه
وَمَا مِنْهُم إِلَّا من يتأهب ويترقب ويتوسل ويتقرب وَفِيهِمْ من يتَعَرَّض ويتضرع ويتشوف ويتشفع وكل قد لبس وقاره وَوقر لِبَاسه وَضرب فِي أخماسه أسداسه وَرفع لهَذِهِ الرياسة راسه وَالسُّلْطَان لَا يعين وَلَا يبين وَلَا يخص وَلَا ينص وَمِنْهُم من يَقُول لَيْتَني خطبت فِي الْجُمُعَة الأولى وفزت بِالْيَدِ الطُّولى وَإِذا ظَفرت بطالع سعدي فَمَا أُبَالِي بِمن خطب بعدِي
فَلَمَّا دخل يَوْم الْجُمُعَة رَابِع شعْبَان أصبح النَّاس يسْأَلُون فِي تعْيين الْخَطِيب السُّلْطَان وامتلأ الْجَامِع واحتفلت المجامع وتوجست الْأَبْصَار والمسامع وفاضت لرقة الْقُلُوب المدامع وراعت لحلية تِلْكَ الْحَالة وبهاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute