للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِين تسْتَقْبل الْمَلَائِكَة زوارها وتلحق الشَّمْس أنوارها وَتحمل الْقُلُوب إِلَيْهَا أسرارها

قَالَ وتنافس مُلُوك بني أَيُّوب فِيمَا يؤثرونه فِيهَا من الْآثَار الْحَسَنَة وَفِيمَا يجمع لَهُم ود الْقُلُوب وشكر الْأَلْسِنَة فَمَا مِنْهُم إِلَّا من أجمل وَأحسن وَفعل مَا أمكن وجلى وَبَين وحلى وزين وأتى الْعَادِل أَبُو بكر بِكُل صنع بكر وتقي الدّين عمر بِكُل مَا عَم وغمر وَمن جملَة أَفعاله المشكورة ومكرماته الْمَشْهُورَة أَنه حضر يَوْمًا فِي قبَّة الصَّخْرَة وَمَعَهُ من مَاء الْورْد أحمال وَلأَجل الصَّدَقَة والرفد مَال فانتهز فرْصَة هَذِه الْفَضِيلَة الَّتِي ابتكرها وَتَوَلَّى بِيَدِهِ كنس تِلْكَ الساحات والعراص ثمَّ غسلهَا بِالْمَاءِ مرَارًا حَتَّى تطهرت ثمَّ أتبع المَاء بِمَاء الْورْد صبا حَتَّى تعطرت وَكَذَلِكَ طهر حيطانها وَغسل جدرانها ثمَّ أَتَى بمجامر الطّيب فتبخرت وتضوعت ثمَّ فرق ذَلِك المَال فِيهَا على ذَوي الِاسْتِحْقَاق وافتخر بِأَن فاق الْكِرَام بِالْإِنْفَاقِ

وَجَاء الْملك الْأَفْضَل نور الدّين عَليّ بِكُل نور جلي وكرم ملي وَبسط بهَا الصنيعة وفرش فِيهَا الْبسط الرفيعة وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك مَا اعْتَمدهُ من بِنَاء أسوار الْقُدس وحفر خنادقه وأعجز بِمَا أعجب من سوابق معروفه ولواحقه

وَأما الْملك الْعَزِيز عُثْمَان فَإِنَّهُ لما عَاد إِلَى مصر ترك خزانَة سلاحه بالقدس كلهَا وَلم ير بعد حُصُولهَا بِهِ نقلهَا وَكَانَت أحمالا بأموال وأثقالا كجبال وذخائر وافية وعددا واقية وَكَانَ من جملَة مَا شَرط على الفرنج أَن يتْركُوا لنا خيلهم وعدتهم فتوفر بذلك عدد الْبَلَد وَاسْتغْنى بِهِ عَمَّا يصل من المدد

<<  <  ج: ص:  >  >>