الْخَمِيس وَقد لَاذَ أَهلهَا بقلاعها وَهِي ثَلَاث قلاع متلاصقات على طول التل متناسقات كأنهن على رَأس راس راسخ وذروة أَشمّ شامخ فسهل الله لنا فرعها وشرعنا نستأصل أَصْلهَا وفرعها فطلبوا السنجق الناصري ونصبوه على السُّور عَشِيَّة يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا أَصْبحُوا صعد إِلَيْهِم قَاضِي جبلة وأنزلهم بالأمان وتسلمت تِلْكَ القلاع بِمَا فِيهَا من عدَّة وذخيرة وأسلحة وميرة وخيل ودواب كَثِيرَة وأمنوا على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وَانْصَرفُوا بنسائهم ورجالهم وذريتهم وأطفالهم وخفوا من أثقالهم وَدخل جمَاعَة مِنْهُم فِي عقد الذِّمَّة وتمسكوا بِحَبل الْعِصْمَة وانتقل الْبَاقُونَ إِلَى أنطاكية ثمَّ ولى السُّلْطَان بهَا مَمْلُوكه سنقر الخلاطي وَركب السُّلْطَان إِلَى الْبَلَد وطافه وهز إِلَى إحسانه اعطافه وأمنه بَعْدَمَا أخافه
قَالَ ورأيتها بَلْدَة وَاسِعَة الأفنية جَامِعَة الْأَبْنِيَة متناسقة المغاني متناسبة الْمعَانِي فِي كل دَار بُسْتَان وَفِي كل قطر بُنيان أمكنتها مخرمَة وأزقتها مرخمة وعقودها محكمَة ومساكنها مهندسة مهندمة وسقوفها عالية وقطوفها دانية وأسواقها فضية وآفاقها مضية وأرجاؤها فسيحة وأهواؤها صَحِيحَة لَكِن الْعَسْكَر شعث عمارتها وأذهب نضارتها وَوَقع من عدَّة من الْأُمَرَاء الزحام على الرخام ونقلوا مِنْهُ أحمالا إِلَى مَنَازِلهمْ بِالشَّام فشوهوا وُجُوه الْأَمَاكِن ومحوا سنا المحاسن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute