قلت وَمن عَجِيب مَا حكى أَنه لما اشْتَدَّ حِصَار قلعة جعبر جَاءَ فِي اللَّيْل ابْن حسان المنبجي ووقف تَحت القلعة ونادى صَاحبهَا فَأَجَابَهُ فَقَالَ لَهُ هَذَا الْمولى أتابك صَاحب الْبِلَاد وَقد نزل عَلَيْك بعساكر الدُّنْيَا وَأَنت بِلَا وزر وَلَا معِين وَأَنا أرى أَن أَدخل فِي قضيتك وآخذ لَك من الْمولى أتابك مَكَانا عوض هَذَا الْمَكَان وَإِن لم تفعل فَأَي شَيْء تنْتَظر فَقَالَ لَهُ صَاحب القلعة أنْتَظر الَّذِي انْتظر أَبوك
وَكَانَ بلك بن بَهرام صَاحب حلب قد نزل على أَبِيه حسان وحاصره فِي منبج أَشد حِصَار وَنصب عَلَيْهِ عدَّة مجانيق وَقَالَ يَوْمًا لحسان وَقد أحرقه بحجارة المنجنيق أَي شَيْء تنْتَظر مَا تسلم الْحصن فَقَالَ لَهُ حسان أنْتَظر سَهْما من سِهَام الله
فَلَمَّا كَانَ من الْغَد بَينا بلك يرتب المنجنيق إِذْ أَصَابَهُ سهم غرب وَقع فِي لبته فَخر مَيتا وَلم يكن من جسده شَيْء ظَاهر إِلَّا ذَلِك الْمَكَان لِأَنَّهُ كَانَ قد لبس الدرْع وَلم يزرها على صَدره
فَلَمَّا سمع ابْن حسان ذَلِك من مقَالَة صَاحب قلعة جعبر رَجَعَ عَنهُ
وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة قتل أتابك فَكَانَ هَذَا من الاتفاقات العجيبة والعبر الغريبة
ذكر ذَلِك يحيى بن أَبى طي فِي = كتاب السِّيرَة الصلاحية =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute