للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَائِر الجوانب ويحملوا حَملَة الرجل الْوَاحِد وَالسُّلْطَان رَحمَه الله يعاني هَذِه الْأُمُور كلهَا بِنَفسِهِ ويصافحها بِذَاتِهِ لَا يتَخَلَّف عَن مقَام من هَذِه المقامات وَهُوَ من شدَّة حرصه ووفور همته كالوالدة الثكلى

وَلَقَد أَخْبرنِي بعض أطبائه أَنه بَقِي من يَوْم الْجُمُعَة إِلَى يَوْم الْأَحَد لم يتَنَاوَل من الْغذَاء إِلَّا شَيْئا يَسِيرا لفرط اهتمامه وفعلوا مَا كَانَ عزموا عَلَيْهِ واشتدت مَنْعَة الْعَدو وَحمى نَفسه فِي خيامه وَلم تزل سوق الْحَرْب قَائِمَة تبَاع فِيهَا النُّفُوس بالنفائس وتمطر سَمَاء حربها الرؤوس من كل رَئِيس ومترائس حَتَّى كَانَ يَوْم الْجُمُعَة ثامن شعْبَان عزم الْعَدو على الْخُرُوج بجموعهم فَخرج راجلهم وفارسهم وامتدوا على التلول وَسَارُوا الهوينا غير مفرطين فِي نُفُوسهم وَلَا خَارِجين من راجلهم والرجالة حَولهمْ كالسور الْمَبْنِيّ يَتْلُو بَعضهم بَعْضًا حَتَّى قاربوا خيام اليزك فصاح السُّلْطَان بالعساكر الإسلامية فَرَكبُوا بأجمعهم وحملوا حَملَة الرجل الْوَاحِد فَعَاد الْعَدو ناكصا على عَقِبَيْهِ وَالسيف يعْمل فيهم فالسالم مِنْهُم جريح والعاطب طريح يَشْتَدُّونَ هزيمَة يعثر جريحهم بقتيلهم وَلَا تلوي الْجَمَاعَة مِنْهُم على قبيلهم حَتَّى لحق بخيامهم من سلم مِنْهُم وانكفوا عَن الْقِتَال أَيَّامًا وَكَانَ قصاراهم أَن يحفظوا نُفُوسهم ويحرسوا رؤوسهم وَاسْتمرّ فتح طَرِيق عكا والمسلمون يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>