الخبيرين بِالْحَرْبِ وَقد حزر فارسهم وراجلهم بِخَمْسَة آلَاف بعد أَن كَانُوا قد خَرجُوا على مَا ذكر بمئتي ألف فَانْظُر إِلَى صَنِيع الله مَعَ أعدائه
وَلما سَارُوا من اللاذقية يُرِيدُونَ جبلة وجدوا فِي أَعْقَابهم نيفا وَسِتِّينَ فرسا قد عطبت وانتزع لَحمهَا وَلم يبْق فِيهَا إِلَّا الْعِظَام من شدَّة الْجُوع وَضعف الْخَيل وَلم يزَالُوا سائرين وأيدي الْمُسلمين تتخطفهم من حَولهمْ نهبا وأسرا وقتلا حَتَّى أَتَوا طرابلس فَأَقَامَ بهَا حَتَّى استجم عسكره وَأرْسل إِلَى النازلين على عكا يُخْبِرهُمْ بقدومه فوجموا من ذَلِك لِأَن المركيس صَاحب مشورته وَكَانَ الْملك جفري وَهُوَ ملك السَّاحِل بالمعسكر هُوَ الَّذِي يرجع إِلَيْهِ فِي الْأُمُور فَعلم أَن مَعَ قدوم الألماني لَا يبْقى لَهُ حكم
وَفِي أَوَاخِر شعْبَان نزل الألماني فِي المراكب هُوَ وَعَسْكَره فثارت عَلَيْهِم ريح أهلكت مِنْهُم ثَلَاثَة مراكب وَسَار الْبَاقُونَ إِلَى صور ثمَّ وصل إِلَى عكا فِي نفر يسير فِي سادس رَمَضَان وَكَانَ لقدومه وَقع عَظِيم عِنْدهم وَوصل خبر وصولهم إِلَى طرابلس ثامن شعْبَان وَالسُّلْطَان ثَابت الجأش راسخ الْقدَم لَا يزعزعه ذَلِك عَن حراسة عكا والحماية لَهَا ومراصدة الْعَسْكَر النَّازِل بهَا وَشن الغارات والهجوم عَلَيْهِم فِي كل وَقت مفوضا أمره إِلَى الله تَعَالَى مُعْتَمدًا عَلَيْهِ منبسط الْوَجْه لقَضَاء حوائج النَّاس مواصلا ببره من نفذ إِلَيْهِ من الْفُقَرَاء وَالْفُقَهَاء والمشايخ والأدباء وَلَقَد كنت إِذا بَلغنِي هَذَا الْخَبَر تأثرت حَتَّى إِذا دخلت عَلَيْهِ أجد من قُوَّة النَّفس وَشدَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute