للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ القَاضِي وَكَانَ للْمُسلمين لصوص يدْخلُونَ إِلَى خيام الْعَدو فيسرقون مِنْهُم حَتَّى الرِّجَال وَيخرجُونَ فَأخذُوا ذَات لَيْلَة طفْلا رضيعا لَهُ ثَلَاثَة أشهر فَلَمَّا فقدته أمه باتت مستغيثة بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور فِي طول تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى وصل خَبَرهَا إِلَى مُلُوكهمْ فَقَالُوا لَهَا إِنَّه رَحِيم الْقلب وَقد أذنا لَك فِي الْخُرُوج إِلَيْهِ فاخرجي واطلبيه مِنْهُ فانه يردهُ عَلَيْك

فَخرجت تستغيث لليزك الإسلامي وَأَخْبَرتهمْ بواقعتها فأطلقوها وأنفذوها إِلَى السُّلْطَان فَأَتَتْهُ وَهُوَ رَاكب على تل الخروبة وَأَنا فِي خدمته وَفِي خدمته خلق عَظِيم فَبَكَتْ بكاء شَدِيدا ومرغت وَجههَا فِي التُّرَاب فَسَأَلَ عَن قصَّتهَا فأخبروه فرق لَهَا ودمعت عينه وَأمر باحضار الرَّضِيع فَمَضَوْا فوجدوه قد بيع فِي السُّوق فَأمر بِدفع ثمنه إِلَى المُشْتَرِي وَأَخذه مِنْهُ وَلم يزل وَاقِفًا رَحمَه الله حَتَّى أحضر الطِّفْل وَسلم إِلَيْهَا فَأَخَذته وبكت بكاء شَدِيدا وضمته إِلَى صدرها وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهَا ويبكون وَأَنا وَاقِف فِي جُمْلَتهمْ فأرضعته سَاعَة ثمَّ أَمر بهَا فَحملت على فرس وألحقت بمعسكرهم مَعَ طفلها

قَالَ فَانْظُر إِلَى هَذِه الرَّحْمَة الشاملة لجنس الانس اللَّهُمَّ إِنَّك خلقته رحِيما فارحمه رَحْمَة وَاسِعَة آمين

قَالَ وَفِي ذَلِك الْيَوْم وصل ظهير الدّين بن البلنكري وَكَانَ مقدما من أُمَرَاء الْموصل وصل مفارقا لَهُم طَالبا خدمَة السُّلْطَان

<<  <  ج: ص:  >  >>