وَجرى قتال عَظِيم وَهُوَ كالوالدة الثكلى يُحَرك فرسه من طلب إِلَى طلب ويحث النَّاس على الْجِهَاد وينادي بِنَفسِهِ ياللاسلاماه وَعَيناهُ قد فارت بالدمع
وَكلما نظر إِلَى عكا وَمَا حل بهَا من الْبلَاء وَمَا يجْرِي على من بهَا من الْمُصَاب الْعَظِيم اشْتَدَّ فِي الزَّحْف والحث على الْقِتَال وَلم يطعم فِي ذَلِك الْيَوْم طَعَاما الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا شرب شَيْئا أَشَارَ بِهِ الطَّبِيب
وَلما هجم اللَّيْل عَاد إِلَى الخيم وَقد أَخذ مِنْهُ التَّعَب والكآبة والحزن ثمَّ ركب سحرًا وصبحوا على مَا أَمْسوا عَلَيْهِ
وَفِي ذَلِك الْيَوْم وصلت مطالعة من الْبَلَد يَقُولُونَ فِيهَا إِنَّا قد بلغ بِنَا الْعَجز إِلَى غَايَة مَا بعْدهَا إِلَّا التَّسْلِيم وَنحن فِي الْغَد إِن لم تعملوا مَعنا شَيْئا نطلب الْأمان ونسلم الْبَلَد ونشتري مُجَرّد رقابنا وَكَانَ هَذَا أعظم خبر ورد على الْمُسلمين وأنكاه فِي قُلُوبهم فان عكا كَانَت قد احتوت على جَمِيع سلَاح السَّاحِل والقدس ودمشق وحلب ومصر أَيْضا فَرَأى السُّلْطَان مهاجمة الْعَدو فَلم يساعده الْعَسْكَر فَإِن الرجالة من الفرنج وقفُوا كالسور الْمُحكم الْبناء بِالسِّلَاحِ والزنبورك والنشاب من وَرَاء أسوارهم وهجم عَلَيْهِم بعض النَّاس من بعض أَطْرَافهم فثبتوا وذبوا غَايَة الذب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute