للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقلاعه منيعة وَلَيْسَ لنا إِلَيْهَا طَرِيق وَهُوَ يخرج مِنْهَا إِذا أَرَادَ فينال من بِلَاد الْإِسْلَام فَإِذا طلب انحجر فِيهَا فَلَا يقدر عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَيْت الْحَال هَكَذَا بذلت لَهُ شَيْئا من الإقطاع على سَبِيل التَّالِف حَتَّى أجَاب إِلَى طاعتنا وخدمتنا وساعدنا على الفرنج

قَالَ وَحَيْثُ توفّي نور الدّين رَحمَه الله وسلك غَيره غير هَذَا الطَّرِيق ملك الْمُتَوَلِي الأرمن بعد مليح كثيرا من بِلَاد الْإِسْلَام وحصونهم وَصَارَ مِنْهُ ضَرَر عَظِيم وخرق وَاسع لَا يُمكن رقعه

قَالَ وَمن أحسن الآراء مَا كَانَ يَفْعَله مَعَ أجناده فَإِنَّهُ كَانَ إِذا توفّي أحدهم وَخلف ولدا أقرّ الإقطاع عَلَيْهِ فَإِن كَانَ الْوَلَد كَبِيرا استبد بِنَفسِهِ وَإِن كَانَ صَغِيرا رتب مَعَه رجلا عَاقِلا يَثِق إِلَيْهِ فيتولى أمره إِلَى أَن يكبر

فَكَانَ الأجناد يَقُولُونَ هَذِه أملاكناً يَرِثهَا الْوَلَد عَن الْوَالِد فَنحْن نُقَاتِل عَلَيْهَا وَكَانَ ذَلِك سبَباً عَظِيما من الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للصبر فِي الْمشَاهد والحروب

وَكَانَ أَيْضا يثبت أَسمَاء أجناد كل أَمِير فِي ديوانه وسلاحهم خوفًا من حرص بعض الْأُمَرَاء وشحه أَن يحملهُ على أَن يقْتَصر على بعض مَا هُوَ مُقَرر عَلَيْهِ من الْعدَد وَيَقُول نَحن كل وَقت فِي النفير فَإِذا لم يكن أجناد كَافَّة الْأُمَرَاء كاملي الْعدَد وَالْعدَد دخل الوهن على الْإِسْلَام

قَالَ وَلَقَد صدق رَضِي الله عَنهُ فِيمَا قَالَ وَأصَاب فِيمَا فعل فَلَقَد رَأينَا مَا خافه عيَانًا

قَالَ وَأما مَا فعله فِي بِلَاد الْإِسْلَام من الْمصَالح مِمَّا يعود إِلَى حفظهَا وَحفظ الْمُسلمين فكثير عَظِيم من ذَلِك أَنه بنى أسوار مدن الشَّام جَمِيعهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>