للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعَلى الْجُمْلَة كَانَ نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فَردا فِي زَمَانه من بَين سَائِر الْمُلُوك وَلَو لم يكن إِلَّا استماعه للموعظة وانقياده لَهَا وَإِن اشْتَمَلت على أَلْفَاظ قد أغْلظ لَهُ فِيهَا

قَرَأت فِي تَارِيخ إربل لشرف الدّين بن المستوفي رَحمَه الله قَالَ المنتجب الْوَاعِظ هُوَ أَبُو عُثْمَان المنتجب بن أبي مُحَمَّد البحتري الوَاسِطِيّ ورد إربل وَوعظ بهَا وَكَانَ لَهُ قبُول عَظِيم وسافر إِلَى نور الدّين مَحْمُود بن زنكي بن آق سنقر إِلَى الشَّام بِسَبَب الْغُزَاة وأنفذ لَهُ نور الدّين جملَة من مَال فَلم يقبلهَا وردهَا عَلَيْهِ

أَنْشدني لَهُ يحيى بن مُحَمَّد بن صَدَقَة قصيدة عَملهَا فِي نور الدّين وَحلف أَنه سَمعهَا من لَفظه

(مثل وقوفك أَيهَا الْمَغْرُور ... يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاء تمور)

(إِن قيل نور الدّين رحت مُسلما ... فاحذر بِأَن تبقى وَمَالك نور)

(أنهيت عَن شرب الْخُمُور وَأَنت من ... كأس الْمَظَالِم طافح مخمور)

(عطلت كاسات المدام تعففا ... وَعَلَيْك كاسات الْحَرَام تَدور)

(مَاذَا تَقول إِذا نقلت إِلَى البلى ... فَردا وجاءك مُنكر وَنَكِير)

(وتعلقت فِيك الْخُصُوم وَأَنت فِي ... يَوْم الْحساب مسحب مجرور)

(وَتَفَرَّقَتْ عَنْك الْجنُود وَأَنت فِي ... ضيق اللَّحود مُوَسَّدٌ مقبور)

<<  <  ج: ص:  >  >>