فِي عساكره من منزله عَائِدًا إِلَى بِلَاده مشكورا مَحْمُودًا وَلم يؤذ أحدا من الْمُسلمين فِي الْعشْر الْأَوْسَط من جُمَادَى الأولى فاطمأنت الْقُلُوب بعد انزعاجها وقلقها
قَالَ وَورد بعد ذَلِك الْخَبَر بِأَن نور الدّين صنع لِأَخِيهِ قطب الدّين ولعسكره وَلمن ورد مَعَه من المقدمين والولاة وأصحابهم الواردين لجهاد الرّوم والإفرنج سماطا عَظِيما هائلا تناهى فِيهِ وَفرق من الْحصن الْعَرَبيَّة والخيول وَالْبِغَال الْعدَد الْكثير وَمن الْخلْع من أَنْوَاع الديباج الْمُخْتَلف وَغَيره والتخوت الذَّهَب الشَّيْء الْكثير الزَّائِد على الْكَثْرَة وَكَانَ يَوْمًا مشهودا فِي الْحسن والتجمل
وَاتفقَ أَن جمَاعَة من غرباء التركمان وجدوا من النَّاس غَفلَة باشتغالهم بالسماط وانتهابه فغاروا على الْعَرَب من بني سامة وَغَيرهم وَاسْتَاقُوا مَوَاشِيهمْ فَلَمَّا ورد الْخَبَر بذلك أنهض نور الدّين فِي أَثَرهم فريقا وافرا من الْعَسْكَر فأدركوهم واستخلصوا مِنْهُم جَمِيع مَا أَخَذُوهُ وأعيد إِلَى أربابه
قَالَ وتقرر الرَّأْي النورى على التَّوَجُّه إِلَى مَدِينَة حران لمنازلتها واستعادتها من يَد أَخِيه نصْرَة الدّين حَسْبَمَا رَآهُ فِي ذَلِك من الصّلاح فَرَحل فِي عسكره أول جُمَادَى الْآخِرَة فَلَمَّا نزل عَلَيْهَا وأحاط بهَا وَقعت المراسلات إِلَى أَن تقرر الْحَال على أَمَان من بهَا وسلمت فِي يَوْم السبت الثَّالِث وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة وقررت أحوالها وَأحسن النّظر فِي أَحْوَال