للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَمِيم قَالَ كَانَ نور الدّين ينفذ كل سنة فِي شهر رَمَضَان يطْلب من الشَّيْخ عمر الملاء شَيْئا يفْطر عَلَيْهِ فَكَانَ ينفذ إِلَيْهِ الأكياس فِيهَا الفتيت والرقاق وَغير ذَلِك فَكَانَ نور الدّين يفْطر عَلَيْهِ

وَكَانَ إِذا قدم الْموصل لَا يَأْكُل إِلَّا من طَعَام الشَّيْخ عمر الملاء

قَالَ وَكَانَ نور الدّين لما صَارَت لَهُ الْموصل قد أَمر كمشتكين شحنة الْموصل أَلا يعْمل شَيْئا إِلَّا بِالشَّرْعِ إِذا أمره القَاضِي بِهِ وَألا يعْمل القَاضِي والنواب كلهم شَيْئا إِلَّا بِأَمْر الشَّيْخ عمر الملاء

قَالَ فَكَانَ لَا يعْمل بالسياسة وَبَطلَت الشحنكية

فجَاء أكَابِر الدولة وَقَالُوا لكمشتكين قد كثر الدعار وأرباب الْفساد وَلَا يَجِيء من هَذَا شَيْء إِلَّا بِالْقَتْلِ والصلب فَلَو كتبت إِلَى نور الدّين وَقلت لَهُ فِي ذَلِك

فَقَالَ لَهُم أَنا لَا أكتب إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى وَلَا أجسر على ذَلِك فَقولُوا للشَّيْخ عمر يكْتب إِلَيْهِ

فحضورا عِنْده وَذكروا لَهُ ذَلِك فَكتب إِلَى نور الدّين وَقَالَ لَهُ إِن الدعار والمفسدين وقطاع الطَّرِيق قد كَثُرُوا وَيحْتَاج إِلَى نوع سياسة فَمثل هَذَا لَا يَجِيء إِلَّا بقتل وصلب وَضرب وَإِذا أَخذ مَال إِنْسَان فِي الْبَريَّة من يشْهد لَهُ قَالَ فَقلب نور الدّين كِتَابه وَكتب على ظَهره إِن الله تَعَالَى خلق الْخلق وَهُوَ أعلم بمصلحتهم وَشرع لَهُم شَرِيعَة وَهُوَ أعلم بِمَا يصلحهم وَإِن مصلحتهم تحصل فِيمَا شَرعه على وَجه الْكَمَال فِيهَا وَلَو علم أَن على الشَّرِيعَة زِيَادَة فِي الْمصلحَة لشرعه فَمَا لنا حَاجَة إِلَى زِيَادَة على مَا شَرعه الله تَعَالَى قَالَ فَجمع الشَّيْخ عمر الملاء أهل الْموصل وأقرأهم الْكتاب وَقَالَ انْظُرُوا فِي كتاب الزَّاهِد إِلَى الْملك وَكتاب الْملك إِلَى الزَّاهِد

<<  <  ج: ص:  >  >>