للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِظَاهِر الْبَلَد وَرَأى هوى العاضد مَعَهم من دَاخله فَلم يتجاسر على إِظْهَار مَا فِي نَفسه فكتمه وَهُوَ يماطل أَسد الدّين فِي تَقْرِير مَا كَانَ بذل لَهُ من المَال والإقطاع للعساكر وإفراد ثلث الْبِلَاد لنُور الدّين وَهُوَ يركب كل يَوْم إِلَى أَسد الدّين ويسير مَعَه ويعده ويمنيه {وَمَا يَعِدُهُم الشَّيْطَان إلاَّ غُرُوراً}

ثمَّ إِنَّه عزم على أَن يعْمل دَعْوَة لأسد الدّين وَمن مَعَه من الْأُمَرَاء وَيقبض عَلَيْهِم فَنَهَاهُ ابْنه الْكَامِل وَقَالَ لَهُ وَالله لَئِن عزمت على هَذَا الْأَمر لأعرفن أَسد الدّين فَقَالَ لَهُ أَبوهُ وَالله لَئِن لم أفعل لَنَقْتُلَنَّ جَمِيعًا فَقَالَ صدقت وَلِأَن نقْتل وَنحن مُسلمُونَ والبلاد بيد الْمُسلمين خير من أَن نقْتل وَقد ملكهَا الفرنج فَلَيْسَ بَيْنك وَبَين عود الفرنج إِلَّا أَن يسمعوا بِالْقَبْضِ على شركوه وَحِينَئِذٍ لَو مَشى العاضد إِلَى نور الدّين لم يُرْسل فَارِسًا وَاحِدًا ويملكون الْبِلَاد فَترك مَا كَانَ عزم عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى الْعَسْكَر النُّوري المطل من شاور اتّفق صَلَاح الدّين يُوسُف وَعز الدّين جرديك وَغَيرهمَا على قتل شاور وأعلموا أَسد الدّين بذلك فنهاهم فَقَالُوا إِنَّا لَيْسَ لنا فِي الْبِلَاد شَيْء مهما هَذَا على حَاله فَأنْكر ذَلِك وَاتفقَ أَن أَسد الدّين سَار بعض الْأَيَّام إِلَى زِيَارَة قبر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقصد شاور عسكره على عَادَته للاجتماع بِهِ فَلَقِيَهُ صَلَاح الدّين وَعز الدّين جرديك ومعهما جمع من الْعَسْكَر فخدموه وأعلموه أَن أَسد الدّين فِي الزِّيَارَة فَقَالَ نمضي إِلَيْهِ فَسَار وهما مَعَه قَلِيلا ثمَّ ساوروه وألقوه عَن فرسه فهرب أَصْحَابه وَأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>