للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنَاول اللحوم الغليظة تتواتر عَلَيْهِ التخم والخوانيق وينجو مِنْهَا بعد معاناة شدَّة عَظِيمَة فَأَخذه مرض شَدِيد واعتراه خانوق عَظِيم فَقتله رَحمَه الله تَعَالَى وفَوض الْأَمر بعده إِلَى صَلَاح الدّين واستقرت الْقَوَاعِد واستتبت الْأَحْوَال على أحسن نظام وبذل الْأَمْوَال وَملك الرِّجَال وهانت عِنْده الدُّنْيَا فملكها وشكر نعْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ فَتَابَ عَن الْخمر وَأعْرض عَن أَسبَاب اللَّهْو وتقمص بلباس الْجد وَالِاجْتِهَاد وَمَا عَاد عَنهُ وَلَا ازْدَادَ إِلَّا جدا إِلَى أَن توفاه الله تَعَالَى إِلَى رَحمته وَلَقَد سَمِعت مِنْهُ رَحمَه الله يَقُول لما يسر الله لي الديار المصرية علمت أَنه أَرَادَ فتح السَّاحِل لِأَنَّهُ أوقع ذَلِك فِي نَفسِي وَمن حِين استتب لَهُ الْأَمر مَا زَالَ يَشن الغارات على الفرنج إِلَى الكرك والشوبك وبلادهما وغشى النَّاس من سحائب الأفضال وَالنعَم مَا لم يؤرخ عَن غير تِلْكَ الْأَيَّام هَذَا كُله وَهُوَ وَزِير متابع للْقَوْم لكنه مقو لمَذْهَب السّنة غارسٌ فِي الْبِلَاد أهل الْعلم وَالْفِقْه والتصوف وَالدّين وَالنَّاس يهرعون إِلَيْهِ من كل صوب ويفدون إِلَيْهِ من كل جَانب وَهُوَ رَحمَه الله لَا يخيب قَاصِدا وَلَا يعْدم وافداً وَلما عرف نور الدّين اسْتِقْرَار أَمر صَلَاح الدّين بِمصْر أَخذ حمص من نواب أَسد الدّين وَذَلِكَ فِي رَجَب من هَذِه السّنة

وَقَالَ ابْن الْأَثِير أما كَيْفيَّة ولَايَة صَلَاح الدّين فَإِن جمَاعَة من الْأُمَرَاء النُّورية الَّذين كَانُوا بِمصْر طلبُوا التَّقَدُّم على العساكر وَولَايَة الوزارة مِنْهُم الْأَمِير عين الدولة الياروقي وقطب الدّين خسرو بن تليل وَهُوَ ابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>