للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترددت الْكتب الصلاحية بِذكر الأشواق وشكوى الْفِرَاق وَشرح الاستيحاش وبرح الْقُلُوب العطاش فَإِن أَصْحَابنَا وَإِن ملكوا ونالوا مقاصدهم وأدركوا حصلوا بَين أمة لَا يعرفونها بل يُنْكِرُونَهَا وَلَا يألفونها وَرَأَوا وُجُوهًا هُنَاكَ بهم عابسة وَأَعْيُنًا للمكايد متيقظة وَعَن الود ناعسة فَإِن أجناد مصر كَانُوا فِي الدّين مخالفين وعَلى عقيدتهم معاقدين محالفين

وَكتب صَلَاح الدّين إِلَى بعض أصدقائه كتابا أَوله

(أَيهَا الغائبون عني وَإِن كُنْتُم ... لقلبي بذكركم جيرانا)

(إِنَّنِي مذ فقدتكم لأَرَاكُمْ ... بعيون الضَّمِير عِنْدِي عيَانًا)

فَسَأَلَنِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَن أكتب جَوَابه فَقلت

(أَيهَا الظاعنون عني وقلبي ... مَعَهم لَا يُفَارق الأظعانا)

(ملكوا مصر مثل قلبِي وَفِي هَذَا ... وَفِي تِلْكَ أَصْبحُوا سكانا)

(فاعدلوا فيهمَا فَإِنَّكُم الْيَوْم ... ملكتم عَلَيْهِمَا سُلْطَانا)

(لَا تروعوا بالهجر قلب محب ... أورثته روعاته الخفقانا)

(حبذا معهد قضينا بِهِ الْعَيْش ... فَكُنَّا بربعه جيرانا)

(إِذْ وجدنَا من الْحَوَادِث أمنا ... وأخذنا من الخطوب أَمَانًا)

(ورتعنا من المنى فِي رياض ... وسكنا من المغاني جنَانًا)

وَبعد فَإِن وُفُود الهناء وأمداد الدُّعَاء متواصلة على الْوَلَاء صادرة عَن مَحْض الْوَلَاء إِلَى عالي جنابه المأنوس ومنيع كنفه المحروس

<<  <  ج: ص:  >  >>