فَلَمَّا رأى الفرنج تتَابع العساكر إِلَى مصر وَدخُول نور الدّين بلادها ونهبها وإخرابها رجعُوا خائبين وَلم يظفروا بِشَيْء وَهَذَا مَوضِع الْمثل ذهبت النعامة تطلب قرنين فَعَادَت بِلَا أذنين فوصلوا إِلَى بِلَادهمْ فرأوها خاوية على عروشها
وَكَانَ مُدَّة مقامهم على دمياط خمسين يَوْمًا أخرج فِيهَا صَلَاح الدّين أَمْوَالًا لَا تحصى حُكيَ لي عَنهُ أَنه قَالَ مَا رَأَيْت أكْرم من العاضد أرسل إليّ مُدَّة مُقام الفرنج على دمياط ألف ألف دِينَار مصرية سوى الثِّيَاب وَغَيرهَا
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد لما علم الفرنج مَا جرى من الْمُسلمين وعساكرهم وَمَا تمّ للسُّلْطَان من استقامة الْأَمر فِي الديار المصرية علمُوا أَنه يملك بِلَادهمْ وَيخرب دِيَارهمْ ويقلع آثَارهم لما حدث لَهُ من الْقُوَّة وَالْملك فَاجْتمع الفرنج وَالروم جَمِيعًا وَحَدثُوا نُفُوسهم بِقصد الديار المصرية والاستيلاء عَلَيْهَا وملكها وَرَأَوا قصد دمياط لتمكن القاصد لَهَا من الْبر وَالْبَحْر ولعلمهم أَنَّهَا إِن حصلت لَهُم حصل لَهُم مغرس قدم يأوون إِلَيْهِ فاستصحبوا المنجنيقات والدبابات والجروخ وآلات الْحصار وَغير ذَلِك وَلما سمع الفرنج بِالشَّام ذَلِك اشْتَدَّ أَمرهم فسرقوا حصن