للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هَذِه الْحَال وسألاني الْمُكَاتبَة فِي الْمَعْنى فأظهرت لَهما كتاب عبد الْمَسِيح جَوَابا عَن كتابي فشكراني وَقَالا وَأَيْضًا تعودُ تراجعهُ فعاودت القَوْل فأصر على المساحة فعرفتهما الْحَال فَلَمَّا مضى عدَّة أَيَّام عدت يَوْمًا إِلَى دَاري وَإِذا هما قد صادفاني على الْبَاب فَقلت لنَفْسي عجبا لهذين الشَّيْخَيْنِ قد رَأيا مراجعتي وهما يطلبان مني مَا لَا أقدر عَلَيْهِ فَقلت لَهما وَالله إِنِّي لأستحيي مِنْكُمَا كلما جئتما فِي هَذَا الْمَعْنى وَقد رَأَيْتُمَا الْحَال كَيفَ هُوَ فَقَالَا صدقت وَلم نحضر إِلَّا لنعرفك أَن حاجتنا قضيت قَالَ فَظَنَنْت أَنَّهُمَا قد أرسلا إِلَى الْموصل من شفع لَهما فَدخلت دَاري وأدخلتهما معي وسألتهما عَن الْحَال كَيفَ هُوَ وَمن الَّذِي سعى لَهما فَقَالَا إِن رجلا من الصَّالِحين الأبدال شَكَوْنَا إِلَيْهِ حَالنَا فَقَالَ قد قضيت حَاجَة أهل العقيمة جَمِيعهم قَالَ فَوَقع عِنْدِي من هَذَا وَلَكِن تَارَة أصدقهما لما أعلم من صَلَاح أحوالهما وَتارَة أعجب من سَلامَة صدرهما كَيفَ يعتمدان على هَذَا القَوْل ويعتقدانه وَاقعا لَا شكّ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام وصل قَاصد من الْموصل بِكِتَاب يَأْمر فِيهِ بِإِطْلَاق مساحة العقيمة وَإِطْلَاق كل مسجون وبالصدقة فَسَأَلت القاصد عَن السَّبَب فَأخْبرنَا أَن قطب الدّين شَدِيد الْمَرَض قَالَ فأفكرت فِي قَوْلهمَا وتعجبت مِنْهُ ثمَّ توفّي بعد يَوْمَيْنِ من هَذَا قَالَ وَرَأَيْت وَالِدي إِذا رأى أحد الرجلَيْن يُبَالغ فِي إكرامه ويحترمه وَيَقْضِي أشغاله واتخذهما صديقين

<<  <  ج: ص:  >  >>