وَسلمهَا إِلَى ختنه ابْن أَخِيه عماد الدّين زنكي بن مودود بن زنكي
قَالَ ثمَّ رَحل على عزم الْموصل وَقصد بلد واستوضح فِيهَا الجدد ودُلَّ هُنَاكَ فِي دجلة على مخاضة وَكَانَ ذَا أَخْلَاق وهمم مرتاضة فاستسهل من خوضها والعبور فِيهَا مَا ظن مستصعبا وَسَهل الله لنا ذَلِك ورأيناه أمرا عجبا وَجَاء دَلِيل تركماني قدامنا وَهُوَ يقطع دجلة تَارَة طولا وَتارَة عرضا أمامنا وَنحن وَرَاءه كخيط وَاحِد لَا نَمِيل يَمِينا وَلَا يسارا وَلَا نجد لنا فِي سوى ذَلِك الْمجَاز اخْتِيَارا حَتَّى عبرنا من الْجَانِب الغربي إِلَى الْجَانِب الشَّرْقِي برجالنا وأثقالنا وخيلنا وبغالنا وجمالنا وأقمنا بَقِيَّة ذَلِك الْيَوْم حَتَّى تمَّ عبور الْقَوْم
ثمَّ رحلنا ونزلنا على الْموصل من شرقيها وخيمنا على تلِّ تَوْبَة فاستعظم أَهلهَا تِلْكَ النّوبَة وَمَا خطر ببالهم أننا نعبر بِغَيْر مراكب وأنَّا نَأْخُذ عَلَيْهِم ذَلِك الْجَانِب فعرفوا أَنهم محصورون مقهورون محسورون وانقطعت عَنْهُم السبل من الشرق وَتعذر عَلَيْهِم الرقع لاتساع الْخرق وَبسط الْعَطاء وكشف الغطاء وَتكلم فِي الْمصلحَة والمصالحة الوسطاء ومُد الجسر وَقضى الْأَمر وأنعم نور الدّين على أَوْلَاد أَخِيه ومثلوا بناديه وَأقر سيف الدّين غازياً على قَاعِدَة أَبِيه وَألبسهُ التشريف الَّذِي وَصله من أَمِير الْمُؤمنِينَ المستضيء
ثمَّ دخل قلعة الْموصل وَأقَام بهَا سَبْعَة عشر يَوْمًا وجدد مناشير أهل المناصب وتوقيعات ذَوي الْمَرَاتِب من الْقَضَاء والنقابة وَغَيرهمَا وَأمر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute