للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غصبوا دُورهمْ وخربوا معمورهم

قَالَ وَكَانَ المّوفق خَالِد بن القيسراني قد وصل وَنحن بِدِمَشْق من مصر فَلَزِمَ دَاره وَلم يدْخل مَعَ الْقَوْم

فَأَما صَلَاح الدّين فَإِنَّهُ اعْتقد أَن ولد نور الدّين يَتَوَلَّاهُ بعده إخْوَة مجد الدّين فَلَمَّا جرى مَا جرى سَاءَهُ وَقَالَ أَنا أحقّ برعى العهود والسعيّ الْمَحْمُود فَإِنَّهُ إِن استمرت ولَايَة هَؤُلَاءِ تَفَرَّقت الْكَلِمَة المجتمعة وَضَاقَتْ المناهج المتسعة وانفردت مصر عَن الشَّام وطمع أهل الْكفْر فِي بِلَاد الْإِسْلَام وَكتب إِلَى ابْن المقدّم يُنكر مَا أقدموا عَلَيْهِ من تَفْرِيق الْكَلِمَة وَكَيف اجترؤوا على أعضاد الدّولة وأركانها بل أَهلهَا وإخوانها وَأَنه يلْزمه أَمرهم وأمرها ويضره ضرهم وضرها فَكتب ابْن الْمُقدم إِلَيْهِ يردعه عَن هَذِه الْعَزِيمَة ويقبح لَهُ اسْتِحْسَان هَذِه الشيمة وَيَقُول لَهُ لَا يُقَال عَنْك إِنَّك طمعت فِي بَيت من غرسك وربّاك وأسسك وأصفى مشربك وأضفى ملبسك وَأجلى سكونك لملك مصر وَفِي دسته أجلسك فَمَا يَلِيق بحالك ومحاسن أخلاقك وخلالك غير فضلك وأفضالك

فَكتب إِلَيْهِ صَلَاح الدّين بالإنشاء الفاضلي إِنَّا لانؤثر لِلْإِسْلَامِ وَأَهله إِلَّا مَا جمع شملهم وَألف كلمتهم وللبيت الأتابكي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى إِلَّا مَا حفظ أَصله وفرعه وَدفع ضرّه وجلب نَفعه فالوفاء إِنَّمَا يكون بعد الْوَفَاة والمحبة إِنَّمَا تظهر آثارها عِنْد تكاثر أطماع العداة وَبِالْجُمْلَةِ إِنَّا فِي وَاد والظانون بِنَا ظن السوء فِي وَاد وَلنَا من الصّلاح مُرَاد وَلمن يبعدنا

<<  <  ج: ص:  >  >>