قَالَ وَلم يزل السُّلْطَان مُقيما على الرَّسْتَن ثمَّ طَال عَلَيْهِ الْأَمر فَسَار إِلَى جباب التركمان فَلَقِيَهُ أحد غلْمَان جرديك وَأخْبرهُ بِمَا جرى على جرديك من الاعتقال والقهر فَرَحل السُّلْطَان من سَاعَته عَائِدًا إِلَى حماة وَطلب من أخي جرديك تَسْلِيم حماة إِلَيْهِ وَأخْبرهُ بِمَا جرى على أَخِيه فَفعل وَصعد السُّلْطَان إِلَى قلعة حماة وَاعْتبر أحوالها وولاها مبارز الدّين عليّ بن أبي الفوارس وَذَلِكَ مستهل جُمَادَى الْآخِرَة
وَسَار السُّلْطَان إِلَى حلب وَنزل على أنف جبل جوشن فَوق مشْهد الدكة ثَالِث جُمَادَى وامتدت عساكره إِلَى الخناقية وَإِلَى السعدى وَكَانَ من بحلب يظنون أَن السُّلْطَان لَا يقدم عَلَيْهِم فَلم يرعهم إِلَّا وعساكره قد نازلت حلب وخيمه تضرب على جبل جوشن وأعلامه قد نشرت فخافوا من الحلبيين أَن يسلمُوا الْبَلَد كَمَا فعل أهل دمشق فأرادوا تطييب قُلُوب الْعَامَّة فأشير على ابْن نور الدّين أَن يجمعهُمْ فِي الميدان وَيقبل عَلَيْهِم بِنَفسِهِ ويخاطبهم بِلِسَانِهِ أَنهم الْوَزَرُ والملجأ فَأمر أَن يُنَادى باجتماع النَّاس إِلَى ميدان بَاب الْعرَاق فَاجْتمعُوا حَتَّى غصّ الميدان بِالنَّاسِ فَنزل الصَّالح من بَاب الدرجَة وَصعد من الخَنْدَق ووقف فِي رَأس الميدان من الشمَال وَقَالَ لَهُم يَا أهل حلب أَنا ربيبكم ونزيلكم واللاجئ إِلَيْكُم كبيركم