نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن شيركوه وَكَيف أُلحق بِهِ فِي رضاكم الْمَكْرُوه فنفروا وجفلوا وَأَصْبحُوا على الرحيل إِلَى جَانب العَاصِي قَرِيبا من شيزر وجمعوا الْعَسْكَر وأظهروا أَنهم على المصاف وعزم الانتصاف فعبَّر السّلطان إِلَى سفح قُرُون حماة خيامه وركز على مقابلتهم أَعْلَامه وَوصل الْعَسْكَر المصريّ فِي عشرَة من المقدّمين مِنْهُم فرخشاه وَأَخُوهُ تقيّ الدّين والتقوا فَهَزَمَهُمْ السُّلْطَان وَنزل على مَنْزِلَتهمْ
قَالَ الْعِمَاد وَمِمَّا نظمت فِي هَذِه الْوَقْعَة فِي مدح نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن شيركوه قصيدة فقد كَانَ لَهُ فِيهَا غناء وبلاء حسن مِنْهَا
(ولَقَدْ ألِفتُ نِفارها وهَوَيْتها ... إِذْ لَيْسَ يُنكر للظباء نفار)
(يَا جَارة للقلب جائرة دَعِى ... ظُلمي وإلاّ قلتُ جَار الْجَار)
(قلبِي كطرفك مَا يفِيق إفاقة ... سَكرَان مَا دارت عَلَيْهِ عقار)
(صَبُّ بصب الدمع محترق الحشا ... خطرت ببال بلائه الأخطار)
(لم يخْش من خطر الْهوى حَتَّى حمى ... ذَاك القوام شبيهه الخطار)
(يذرى الدُّمُوع كأنهنّ عوارفٌ ... لاِبْن المملّك شيركوه غزار)
(من آل شاذي الشائدين بنى الْعلَا ... أركانهن لهاذمٌ وشفار)
(حسنت بهم للدولة الْأَيَّام والأعمال ... وَالْأَحْوَال والْآثَار)
(قد حَاز ملك الشَّام يوسفٌ الذّي ... فِي مصر تغبط عصره الْأَعْصَار)
(نصرَ الهُدى فتوطد الْإِسْلَام فِي ... أَيَّامه وتضعضع الْكفَّار)
(لما لقِيت جموعهم منظومة ... صيرت ذَاك النّظم وَهُوَ نثار)
(فِي حالتي جُودٍ وبأسٍ لم يزل ... للتّبر والأعداء مِنْك تبار)