للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاح الدّين بِمصْر فِي ريعان ملكه وأذنت هجرته فِي دَرك إِرَادَته بإدارة فلكه وأنعم عَلَيْهِ هُنَاكَ بِجَزِيرَة الذَّهَب وَمن دَار الْملك بِمصْر بدار الذَّهَب ووفرَّ حَظه من الذَّهَب وَملكه دَارا بِالْقَاهِرَةِ نفيسةً جميلَة جليَّة جليلة ورتّب لَهُ وظائف وخصّه بلطائف وَوصل مَعَ صَلَاح الدّين إِلَى الشَّام وَأمره جارٍ على النظام

وَلما أَشْتَدّ بِكَمَال الدّين الْمَرَض وَكَاد يُفَارق جوهره الْعرض أَرَادَ أنْ يبْقى الْقَضَاء فِي ذويه فوّصى مَعَ حُضُور وَلَده بِالْقضَاءِ لضياء الدّين ابْن أَخِيه علما مِنْهُ بِأَن السُّلْطَان يُمضي حُكمه لأجل سوالفه ويجعله عِنْده من عوائد عوارفه وَمَات وَلم يخلف مثله وَمن شَاهده شَاهد الْعقل وَالْفضل كلّه بارًّا بالأبرار مُخْتَارًا للأخيار مكرما للكرام مَاضِيا فِي الْأَحْكَام وَقد قوّاه نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَولده فِي أَيَّامه وسدد مرامي مرامه

وَهُوَ الَّذِي سنّ دَار الْعدْل لتنفذ أَحْكَامه بِحَضْرَة السُّلْطَان فَلَا يبْقى عَلَيْهِ مغمز وَلَا ملمز لِذَوي الشنآن وَهُوَ الَّذِي تولى لَهُ بِنَاء أسوار دمشق ومدارسها والبيمارستان فاستمرت عَادَته واستقرت قَاعِدَته فِي دولة السُّلْطَان وَتُوفِّي وَنحن بحلب محاصرون

وَذكر الْعِمَاد فِي الخريدة لِابْنِهِ محييّ الدّين قصيدة فِي مرثيته مِنْهَا

(ألِمُّوا بِسَفْحِي قاسيون فَسَلمُوا ... على جدثٍ بَادِي السنا وترحموا)

<<  <  ج: ص:  >  >>