خمس وَسبعين للغلاء الْحَادِث فِي الْبِلَاد خرج سيف الدّين فِي موكبه فثار النَّاس وقصدوه مستغيثين بِهِ وطلبوا مِنْهُ أَن يَأْمر بِالْمَنْعِ من بيع الْخمر فأجابهم إِلَى ذَلِك
فَدَخَلُوا الْبَلَد وقصدوا مسَاكِن الخمارين وخربوا أَبْوَابهَا ونهبوها وأراقوا الْخُمُور وكسروا الْأَوَانِي وَعمِلُوا مَا لَا يحل
فاستغاث أَصْحَاب الدّور إِلَى نواب السُّلْطَان وخصوا بالشكوى رجلا من الصَّالِحين يُقَال لَهُ أَبُو الْفرج الدقاق وَلم يكن لَهُ فِي الَّذِي فعله النَّاس من النهب فعل إِنَّمَا هُوَ أراق الْخُمُور وَلما رأى فعل الْعَامَّة نَهَاهُم فَلم يسمعوا مِنْهُ
فَلَمَّا شكي أحضر بالقلعة وَضرب على رَأسه فَسَقَطت عمَامَته فَلَمَّا أطلق لينزل من القلعة نزل مَكْشُوف الرَّأْس فأرادوا تغطيته بعمامته فَلم يفعل وَقَالَ وَالله لَا غطيته حَتَّى ينْتَقم الله لي مِمَّن ظَلَمَنِي
فَلم يمض غير قَلِيل حَتَّى توفّي الدزدار الْمُبَاشر لأذاه ثمَّ بعقبه مرض سيف الدّين ودام مَرضه إِلَى أَن توفّي
وَكَانَ عمره نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَت ولَايَته عشر سِنِين وشهورا
وَكَانَ من أحسن النَّاس صُورَة تَامّ الْقَامَة مليح الشَّمَائِل أَبيض اللَّوْن مستدير اللِّحْيَة متوسط الْبدن بَين السمين والدقيق
وَكَانَ عَاقِلا وقورا قَلِيل الِالْتِفَات إِذا ركب وَإِذا جلس عفيفا لم يذكر عَنهُ شَيْء من الْأَسْبَاب الَّتِي تنَافِي الْعِفَّة
وَكَانَ غيورا شَدِيد الْغيرَة لم يتْرك أحدا من الخدم يدْخل دور نِسَائِهِ إِذا كبر إِنَّمَا يدْخل عَلَيْهِنَّ الخدم الصغار
وَكَانَ لَا يحب سفك الدِّمَاء وَلَا أَخذ الْأَمْوَال مَعَ شح فِيهِ
قَالَ وَلما اشْتَدَّ مَرضه أَرَادَ أَن يعْهَد بِالْملكِ لوَلَده معز الدّين سنجرشاه فخاف من ذَلِك لِأَن صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب كَانَ قد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute