يتلو سورة طه، فدخل وبطش بسعيد بن زيد فقامت أخته تدافع عن زوجها، فلطمها، فسأل الدم منها، فلما رأى ذلك رق قلبه، فطلب الصحيفة التي فيها الآيات، فرفضا إلا أن يغتسل فاغتسل، فقرأها، فقال: ما أحسن هذا الكلام!!
فقال خباب: أرجو أن يكون الله خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته يقول:" اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين " عمرو بن هشام (أبو جهل)، أو عمر بن الخطاب.
فقال عمر: دلني على محمد. فذهب به إليه، وكان عنده الصحابة، فأسلم، فسُرَّ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - بذلك أعظم السرور.
قال عبد الله بن مسعود: إن إسلام عمر كان فتحًا، وإن هجرته كانت نصرًا، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشًا حتى صلى عند الكعبة، فصلينا معه، وسماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الفاروق، ولم يكن يجرؤ أحد من قريش على إيذائه.
كان جريئًا شجاعًا، لما عزم على الهجرة إلى المدينة طاف بالكعبة، وصلى ثم قال: من أراد أن تثكله أمه فليلقني خلف هذا الوادي، فخرجا ولم يلقه أحد، وكان من الصحابة الذين يستشيرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولربما نزل الوحي بما يؤيد رأيه. فبعد غزوة بدر استشار النبي أصحابه فيما يفعل بالأسرى، فأشار عمر بقتلهم، وأشار أبو بكر بفدائهم، فأخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - برأي أبي بكر، فأنزل الله وحيه مؤيدًا لرأي عمر، ومعاتبًا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: ٦٧].