امتازت هذه المرحلة بسيطرة آل بويه، وهم يعودون إلى بلاد الديلم (جنوب بحر قزوين)، وهم شيعة، حاقدين على الإسلام، متعصبين، أتوا بأفعال منكرة، وكانوا في البداية من الرعايا العاديين، على أن الأمجاد العظيمة التي حصل عليها بنو بويه دفعت بعض المؤرخين إلى أن يتوهموا لهم نسبًا رفيعًا. فنسبوهم أحيانًا إلى ملوك آل ساسان.
وأول من برز منهم بويه بن شجاع، وكان فقيرًا، صياد سمك، وكان أبناؤه أحمد وحسن وعلي جنودًا في جيش (ما كان بن كالي) أحد زعماء الديلم، وتدرجوا حتى صاروا أمراء في الجيش، ثم تركوه وانحازوا إلى الأمير مرداويج الذي رجحت كفته في السيطرة على الديلم، فخشي خطرهم وصرفهم، فجهز علي الجيوش وقاتل مرداويج حتى غلبه واستولى على الأهواز والكرج وعلى ممالك كثيرة. وأخرج أخاه حسن من السجن، فاستولى على أصبهان والري وهمذان. بدأ نفوذهم عام ٣٢٠ هـ/٩٣٢ م ووصلوا إلى قمة المجد والسلطان والنفوذ، واكتمل سلطانهم على مساحة شاسعة من أملاك الدولة العباسية. وطلبوا من الخليفة العباسي الاعتراف بهم، فتم لهم ذلك، وكانوا يتحكمون في الخلفاء العباسيين ويهينونهم، ويعينونهم ويخلعونهم كيفما شاءوا!.
ولم يبق للخلفاء معهم نفوذ ولا سلطان وذهبت هيبة الخلافة طيلة هذا العهد الأسود، وأصبح مصير العالم الإسلامي مرتبطًا بهؤلاء السلاطين الجدد.