فلما يئس منهم دعا عليهم {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}[نوح: ٢٦]. فلبى الله دعوته وأمره بصنع الفلك وهي السفينة العظيمة {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}[المؤمنون: ٢٣]، وحمل معه من آمن به، ومن الحيوانات من كل زوج اثنين، استمر القوم في الفساد والسخرية منه ومن سفينته. فلما انتهي حصل الطوفان العظيم وامتلأت الأرض بالمياه، تحركت السفينة شمالًا {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ}[الحاقة: ١١] فأهلك الله القوم الكافرين، ثم رست السفينة على جبل الجودي (جبل أرارات في شرق تركيا اليوم) فخرج الركاب واستقروا هناك وبدأت زيادة السكان من جديد، ثم تفرق أبناء نوح، فهاجر سام وآبناؤه باتجاه جزيرة العرب، واتجه أبناء حام جنوباً نحو العراق وما جاورها، وتحرك يافث وذريته شرقاً وجزء منهم غرباً وتفرق آخرون في اتجاهات متباينة.
* * *
الدولة السومرية (العراق):-
استقرت مجموعة في ناحية من العراق يعرف بسهل شنعار، فعظم شأنهم، وعرفوا بالسومرين عملوا بالزراعة، وبنوا السدود، أقام بجانبهم قوم عرفوا بالأكاديين وعاصمتهم (أكاد)، وانتقل بعضهم إلى المرتفعات الشرقية من هذه البقعة، وبنوا مدينة (سوزا) وهم العيلاميون، وكان السومريون أكبر قوة في المنطقة، ومن أشهر ملوكهم (سرجون)، ومن مدنهم الشهيرة (أور)، عبدوا التماثيل والكواكب وتمادوا في غيهم وضلالهم، فبعث الله إليهم نبيه إبراهيم وهو من مدينة (أور).