وكان محمد طموحًا، فحمل الفكرة، وبدأ بتنفيذها منذ سنة ١٠٠ هـ، فكانت الحميمة مركزًا للتخطيط وتنظيم العمل، واختار الكوفة مركزًا للدعوة، واختار خراسان مجالًا لانتشار الدعوة، واختار لها دعاة ونقباء أكفاء لنشرها فكانت تنتشر بسرية تامة وببطء باسم آل البيت. فكان عمله يتسم بالسياسة والدهاء وبعد وفاة محمد تولى الدعوة ابنه إبراهيم عام ١٢٥ هـ/٧٤٢ م، وكان الأمويون قد ضعفوا وتفرقوا بعد وفاة هشام بن عبد الملك، بينما أخذت الدعوة العباسية بالانتشار.
* * *
* المرحلة الجهرية وإخضاع خراسان والعراق:-
في سنة ١٢٩ هـ/٧٤٦ م أمر إبراهيم أبرز قواده أبي مسلم الخراساني (وهو داهية خطير وعظيم من عظماء العالم العسكريين)، أن يعلن الدعوة في خراسان ففعل، فقبض مروان بن محمد (آخر الخلفاء الأمويين) على إبراهيم وسجنه، فتولى أخوه عبد الله (السفاح) الأمر والذي قدم إلى الكوفة مع أهله، ونزل في دار أبي سلمة الخلال وبقي أمره سرًا. استطاع أبو مسلم أن يقضي على نصر بن سيار (والي خراسان) رغم أن هذا الأخير بذل كل جهوده ومحاولاته لصد أبي مسلم واستنجد بالخليفة مروان بن محمد مرتين. واستنجد بيزيد بن عمر بن هبيره (والي مروان على العراق)، ولكن لم يلق أي استجابة لانشغالهم جميعًا بالحروب والفتن. فتمكن أبو مسلم من الاستيلاء على خراسان سنة ١٣٠ هـ/٧٤٧ م. ثم انتزعت العراق من يد يزيد بن عمر بن هبيرة سنة ١٣٢ هـ/٧٤٩ م.