اجتمع بنو هاشم على نصرة محمد، فقررت قريش مقاطعتهم، فلا بيع، ولا شراء، ولا زواج، وكتبوا بذلك صحيفة علقوها في جوف الكعبة، فدخل بنو هاشم شعب أبي طالب. ولبثوا ثلاث سنين حتى اشتد عليهم البلاء، حتى أنهم أكلوا من أوراق الشجر، ثم اتفق نفر من قريش على وجوب نقض الصحيفة فواجهوا بذلك قريشاً، وبعث الله (الأرضة) على الصحيفة فأتت عليها ولم تدع إلا: (باسمك اللهم) وأخبر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فأخبر عمه. فأخبر قريشاً واشترط عليهم إنهاء الحصار إذا كان الأمر كذلك، فأخرجوها، ووجدوا كما أخبر، فانتهي الحصار، وعادوا إلى مكة.
* * *
الهجرة الثانية إلى الحبشة وإسلام النجاشي:-
لما دخل بنو هاشم في الشعب طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المستضعفين الهجرة، فهاجروا بأمرة جعفر بن أبي طالب، وكانوا ٨٣ رجل و١٩ امرأة. وأرسلت قريش برسالة وهدايا ورسل إلى النجاشي تطلب ردهم فاستمع إلى دفاعهم، فاقتنع أنهم أصحاب حق ورفض ردهم. وكتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي يدعوه للإسلام فأسلم.
* * *
وفاة خديجة - رضي الله عنها - وأبي طالب:-
كانت وفاتهما، بعد انتهاء الحصار بأشهر (في السنة العاشرة من البعثة)، وقد حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حزناً شديداً لذلك. واشتد أذى قريش للرسول بعد ذلك؛ إذ كانا يحميانه من كل أذى. وكان أشد قريش إيذاء للرسول - صلى الله عليه وسلم - عمه أبي لهب وامرأته، وأبو جهل، وعقبة بن أبي معيط. وكان أذاهم يصل إلى درجة ضرب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلقاء القاذورات عليه أثناء صلاته.