للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا جواب أبي العباس القرطبي (١)، والنووي (٢).

وهو اختيار: أبي عبد الله القرطبي، والكرماني، والأُبِّي، والعيني، والملا علي القاري، والمناوي. (٣)

قال النووي: "وأمَّا معنى الحديث فالصحيح فيه ما قاله جماعة من المحققين: أنَّ المراد بالإحسان هنا الدخول في الإسلام بالظاهر والباطن جميعاً، وأنْ يكون مسلماً حقيقياً، فهذا يُغفر له ما سلف في الكفر بنص القرآن العزيز، والحديث الصحيح "يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ" (٤)، وبإجماع المسلمين، والمرادُ بالإساءة عدم الدخول في الإسلام بقلبه، بل يكون مُنقاداً في الظاهر، مُظهِراً للشهادتين، غير مُعتقدٍ للإسلام بقلبه، فهذا منافقٌ باقٍ على كفره بإجماع المسلمين، فيُؤاخذ بما عمل في الجاهلية قبل إظهار صورة الإسلام، وبما عمل بعد إظهارها؛ لأنَّه مستمرٌّ على كفره". اهـ (٥)

القول الثالث: أنَّ الحديث محمولٌ على التَّبْكِيت بما كان منه في الكفر.

وهذا جواب الخطابي، وابن الجوزي حيث جعله وجهاً آخر في الجواب عن الحديث. (٦)

قال الخطابي: "ووجه هذا الحديث: أنَّ الكافر إذا أسلم لم يُؤاخذ بما مضى، فإنْ أساء في الإسلام غاية الإساءة، ورَكِبَ أشدَّ المعاصي، وهو مستمرٌّ على الإسلام؛ فإنَّه إنما يُؤاخذ بما جَنَاهُ من المعصية في الإسلام، ويُبَكَّت بما كان منه في الكفر، كأن يُقال له: ألست فعلت كذا وأنت كافر؟ فهلا منعك إسلامُك عن معاودة مثله". اهـ (٧)


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٣٢٧).
(٢) شرح صحيح مسلم، للنووي (٢/ ١٧٩).
(٣) انظر على الترتيب: تفسير القرطبي (٥/ ٢٦٧)، وإكمال إكمال المعلم، للأبي (١/ ٣٨١)، وعمدة القاري، للعيني (٢٤/ ٧٦)، ومرقاة المفاتيح، للقاري (٥/ ٢٨٠)، وفيض القدير، للمناوي (٦/ ٣٧).
(٤) تقدم تخريجه قريباً.
(٥) شرح صحيح مسلم، للنووي (٢/ ١٧٩).
(٦) كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (١/ ٣٠٦).
(٧) أعلام الحديث، للخطابي (٤/ ٢٣١١)، وانظر: فتح الباري، لابن حجر (١٢/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>