للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوثان، فخرجوا بفعلهم هذا أن يكونوا من أهل الفترة، واستحقوا العذاب في الآخرة؛ لقيام الحجة عليهم. (١)

وأما القائلون بنجاتهم مطلقاً فذكروا ثلاثة أجوبة:

الأول: أنها أخبار آحاد فلا تعارض القاطع، وهي نصوص القرآن الكريم.

الثاني: قَصْرُ التعذيب على هؤلاء، والله أعلم بالسبب.

الثالث: قَصْرُ التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بَدَّلَ وغَيَّرَ من أهل الفترة بما لا يُعذر به من الضلال، كعبادة الأوثان، وتغيير الشرائع، وشرع الأحكام.

وقد ذكر محمد بن خليفة الأُبيّ أَنَّ أهل الفترة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

الأول: من أدرك التوحيد ببصيرته، وهؤلاء على نوعين:

الأول: من لم يدخل في شريعة؛ كقس بن ساعدة (٢)،

وزيد بن عمرو بن


(١) انظر: تفسير سورة يس، لابن عثيمين، ص (٢١)، ومجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز (٥/ ١٨١).
(٢) عن ابن عباس قال: "قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيكم يعرف القس بن ساعدة الأيادي؟ قالوا: كلنا يا رسول الله يعرفه. قال: فما فعل؟ قالوا: هلك، قال: ما أنساه بعكاظ، في الشهر الحرام، وهو على جمل أحمر، وهو يخطب الناس، وهو يقول: يا أيها الناس، اجتمعوا واستمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إنَّ في السماء لخبراً، وإنَّ في الأرض لعبراً، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لا تغور، أقسم قس قسماً حقاً؛ لئن كان في الأرض رضاً ليكونن بعده سخط، إنَّ لله لَدِيْنَاً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا فأقاموا؟ أم تُرِكُوا فناموا؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: أفيكم من يروي شعره؟ فأنشده بعضهم:
في الذاهبين الأولين ... من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً ... للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها ... يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي ... ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محا ... لة حيث صار القوم صائر". =

<<  <   >  >>