للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أنهما في النار.

وهذا مذهب أبي حنيفة، والبيهقي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن كثير، والألباني، وغيرهم. (١)

وقد بسط الكلام في عدم نجاة الوالدين: إبراهيمُ بن محمد الحلبي (٢)، في رسالة بعنوان: "رسالة في حق أبوي الرسول صلى الله عليه وسلم"، والملاّ علي بن سلطان القاري في رسالة بعنوان: "أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام".

ومن أظهر ما استدل به أصحاب هذا المذهب: حديث أنس - رضي الله عنه -، والذي فيه إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ أباه في النار، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والذي فيه أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نُهيَ عن الاستغفار لأمه، وكلاهما عند مسلم، وكذا إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ أمه في النار، وقد تقدمت جميعها في أول المسألة.

وادعى الإجماع على عدم نجاتهما الملا علي بن سلطان القاري فقال: "وأما الإجماع؛ فقد اتفق السلف والخلف ـ من الصحابة والتابعين، والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين ـ على ذلك، من غير إظهار خلافٍ لما هُنالك، والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق، سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق". اهـ (٣)

ويرى هؤلاء أَنَّ إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أبويه بأنهما من أهل النار، لا يُنافي الأحاديث الواردة بامتحان أهل الفترة، لأنَّ أهل الفترة منهم من يُجيب يوم القيامة، ومنهم من لا يُجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يُجيب، فلا مُنافاة. (٤)


(١) انظر على الترتيب: أدلة معتقد أبي حنيفة، لعلي القاري، ص (٦٢)، وفيه النقل عن أبي حنيفة، ودلائل النبوة، للبيهقي (١/ ١٩٢)، ومجموع الفتاوى، لابن تيمية (٤/ ٣٢٤ - ٣٢٦)، والبداية والنهاية، لابن كثير (٢/ ٢٦١)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني (٦/ ١٨٠).
(٢) هو: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي: فقيه حنفي، من أهل حلب، تفقه بها وبمصر، ثم استقر في القسطنطينية وتوفي بها عن نيف وتسعين عاماً. أشهر كتبه: (غنية المتملي في شرح منية المصلي) وله (مختصر طبقات الحنابلة) وغيرها، توفي سنة (٩٥٦هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (١/ ٦٦).
(٣) أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه السلام، لعلي القاري، ص (٨٤)، وسيأتي مناقشة دعوى الإجماع في مبحث الترجيح إن شاء الله تعالى.
(٤) انظر: البداية والنهاية، لابن كثير (٢/ ٢٦١).

<<  <   >  >>